مأساة التوثيق الرقمي لمؤسساتنا الوطنية!
الثلاثاء / 24 / ذو الحجة / 1439 هـ - 19:00 - الثلاثاء 4 سبتمبر 2018 19:00
استكتبني قبل مدة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، ضمن عدد من الباحثين لرصد جهود المملكة في خدمة اللغة العربية، وصدرت أبحاثنا مؤخرا في كتاب ضخم عن المركز، وكان موضوع بحثي «دور الجوائز الثقافية والمهرجانات في خدمة اللغة العربية»، وهو بحث قريب المنال في الوهلة الأولى، لكن الانغماس فيه كشف لي صعوبة لم تكن على البال مطلقا، صعوبة الحصول على المعلومة الموثقة.
بلادنا اليوم تحتل المركز الخامس ـ عالميا ـ في الخدمات الالكترونية الحكومية، وهذا المركز المتقدم جدا لم يتأت بسهولة، بل وراءه جهود عظيمة ونفقات عالية، حتى تجسد على أرض الواقع، ولا يخفى أن التقنية أصبحت ملاذنا جميعا أفرادا ومؤسسات، فجل تعاملاتنا الكترونية، إلى درجة التأفف من الجهات التي تجبرنا على مراجعتها، ونتمنى عليها أن تجد طريقة في تذليل تلك العقبة، وربما يأتي الحل قريبا في تقنية حديثة تدعى Block chain (بلاك شين)، تقضي على جل التعاملات التقليدية.
هذا المركز المتقدم لبلادنا في الخدمات الالكترونية لم أجد له صدى في كثير من المؤسسات الثقافية والأكاديمية، فقد كانت كثير من المواقع مجرد واجهات مزدحمة بصور المسؤولين، وأخبار الافتتاحات والتدشينات، ومعلومات لم تطلها يد التحديث، لكنك لا تجد معلومة تروي ظمأ بحثك، وإن وجدت فهي معلومات عامة لا تفاصيل فيها، أستثني من ذلك موقع جائزة الملك فيصل، وفي هذه الحالة أنت مضطر إلى التواصل مع الجهات هاتفيا، ليرسلوا إليك ما تحتاجه من معلومات ورقيا، وكم في هذا من إهدار للوقت، هذا إن أجابوا على اتصالاتك، ووجدت مهتما، والمؤسف حقا أنك ستجد أن المهرجان الفلاني تسلمته لجنة وأسست موقعا، ثم جاءت لجنة أخرى وأسست موقعا آخر، وثالثة، فضاعت كل المعلومات والجهود، ولم تجد ذاكرة تراكمية للمهرجان تنبيك بالمعلومات الدقيقة.
ما تزال بعض الجهات رافلة في (البشت القديم)، تصدر نهاية العام مجلة ورقية، وتوزعها على فروعها، وتظل خاوية على أغلفتها، مع أننا في عالم رقمي جبار، ولا تكلف المجلة الرقمية ربع تكلفة الورقية، وستصل كل أرجاء المعمورة بتحميلها على موقع الجهة، وإتاحتها للباحثين، ولعلي أذكر في هذا الصدد مثالا مميزا، إذ أهداني الدكتور حسام زمان مدير جامعة الطائف عبر الواتس اب إصدارا مميزا بعنوان «تحول برؤية» عدد صفحاته 140 صفحة، مدعمة بالرسوم والبيانات الإحصائية والصور، وهو تقرير يرصد جهود جامعة الطائف خلال عامين من إطلاق رؤية 2030، ومتاح على موقع الجامعة، يضع الباحثين من شتى بقاع العالم أمام جهود هذه المؤسسة بيسر وسهولة.
يجب أن نعترف أن عددا كبيرا من مؤسساتنا تعاني كثيرا في جانب (التوثيق الرقمي)، وإن اهتمت به بعضها؛ أخرجته في فكرة بائسة تجاوزها الزمن، فتجد الإسراف في تلميع المؤسسة، أو الإسراف في عرض (صور المسؤولين)، ولعمري إن المسؤول (الحقيقي) لا ينظر إلى ذلك ولا ينتظره، بل ينظر إلى ما قدمته المؤسسة، والقارئ لن يأخذ انطباعا حسنا بمدح المؤسسة وردحها لنفسها أو لمديرها، وهذا ما يجب أن يحذر منه القائمون عليها، ويبادروا إلى جعل منجزاتهم هي التي تترك الانطباع لدى المسؤول والقارئ، وأن يوثقوا المنجزات الحديثة، ويعمدوا إلى رقمنة كل المنجزات القديمة والوثائق والمطبوعات الورقية السابقة، وإتاحتها للباحثين على مواقعهم، فنحن في أمس الحاجة إلى ذاكرة تراكمية تقدم الصورة الحقيقية لأي مؤسسة أو مهرجان، والله الموفق.
@ahmad_helali
بلادنا اليوم تحتل المركز الخامس ـ عالميا ـ في الخدمات الالكترونية الحكومية، وهذا المركز المتقدم جدا لم يتأت بسهولة، بل وراءه جهود عظيمة ونفقات عالية، حتى تجسد على أرض الواقع، ولا يخفى أن التقنية أصبحت ملاذنا جميعا أفرادا ومؤسسات، فجل تعاملاتنا الكترونية، إلى درجة التأفف من الجهات التي تجبرنا على مراجعتها، ونتمنى عليها أن تجد طريقة في تذليل تلك العقبة، وربما يأتي الحل قريبا في تقنية حديثة تدعى Block chain (بلاك شين)، تقضي على جل التعاملات التقليدية.
هذا المركز المتقدم لبلادنا في الخدمات الالكترونية لم أجد له صدى في كثير من المؤسسات الثقافية والأكاديمية، فقد كانت كثير من المواقع مجرد واجهات مزدحمة بصور المسؤولين، وأخبار الافتتاحات والتدشينات، ومعلومات لم تطلها يد التحديث، لكنك لا تجد معلومة تروي ظمأ بحثك، وإن وجدت فهي معلومات عامة لا تفاصيل فيها، أستثني من ذلك موقع جائزة الملك فيصل، وفي هذه الحالة أنت مضطر إلى التواصل مع الجهات هاتفيا، ليرسلوا إليك ما تحتاجه من معلومات ورقيا، وكم في هذا من إهدار للوقت، هذا إن أجابوا على اتصالاتك، ووجدت مهتما، والمؤسف حقا أنك ستجد أن المهرجان الفلاني تسلمته لجنة وأسست موقعا، ثم جاءت لجنة أخرى وأسست موقعا آخر، وثالثة، فضاعت كل المعلومات والجهود، ولم تجد ذاكرة تراكمية للمهرجان تنبيك بالمعلومات الدقيقة.
ما تزال بعض الجهات رافلة في (البشت القديم)، تصدر نهاية العام مجلة ورقية، وتوزعها على فروعها، وتظل خاوية على أغلفتها، مع أننا في عالم رقمي جبار، ولا تكلف المجلة الرقمية ربع تكلفة الورقية، وستصل كل أرجاء المعمورة بتحميلها على موقع الجهة، وإتاحتها للباحثين، ولعلي أذكر في هذا الصدد مثالا مميزا، إذ أهداني الدكتور حسام زمان مدير جامعة الطائف عبر الواتس اب إصدارا مميزا بعنوان «تحول برؤية» عدد صفحاته 140 صفحة، مدعمة بالرسوم والبيانات الإحصائية والصور، وهو تقرير يرصد جهود جامعة الطائف خلال عامين من إطلاق رؤية 2030، ومتاح على موقع الجامعة، يضع الباحثين من شتى بقاع العالم أمام جهود هذه المؤسسة بيسر وسهولة.
يجب أن نعترف أن عددا كبيرا من مؤسساتنا تعاني كثيرا في جانب (التوثيق الرقمي)، وإن اهتمت به بعضها؛ أخرجته في فكرة بائسة تجاوزها الزمن، فتجد الإسراف في تلميع المؤسسة، أو الإسراف في عرض (صور المسؤولين)، ولعمري إن المسؤول (الحقيقي) لا ينظر إلى ذلك ولا ينتظره، بل ينظر إلى ما قدمته المؤسسة، والقارئ لن يأخذ انطباعا حسنا بمدح المؤسسة وردحها لنفسها أو لمديرها، وهذا ما يجب أن يحذر منه القائمون عليها، ويبادروا إلى جعل منجزاتهم هي التي تترك الانطباع لدى المسؤول والقارئ، وأن يوثقوا المنجزات الحديثة، ويعمدوا إلى رقمنة كل المنجزات القديمة والوثائق والمطبوعات الورقية السابقة، وإتاحتها للباحثين على مواقعهم، فنحن في أمس الحاجة إلى ذاكرة تراكمية تقدم الصورة الحقيقية لأي مؤسسة أو مهرجان، والله الموفق.
@ahmad_helali