الرأي

رئاسة ترمب وانتخابات الكونجرس

مي محمد الشريف
تحدثنا الأسبوع الماضي عن عملية عزل الرئيس الأمريكي، وانقضى الأسبوع بطوله وما زالت الصحف الأمريكية والعالمية ومئات الآف من البشر يفتون حول الموضوع، كأنها عملية سهلة تحدث وتنتهي في يوم وليلة.

إن عملية عزل الرئيس عبارة عن صراع يبدأ وينتهي في قاعات الكونجرس، فهي محاكمة دون قضاة أو هيئة محلفين أو حتى حضور مدع عام، أما لجنة التحقيق تتمثل بمجلس النواب، والقاضي وهيئة المحلفين هم نواب مجلس الشيوخ. ويتطلب عزل الرئيس 67 من 100 صوت للإدانة مقابل 34 صوتا لتبرئة الرئيس. ولا تعني انتخابات الكونجرس النصفية نهاية ترمب كما يعتقد البعض، فهي سباق بين مرشحين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وحفنة من السياسيين المستقلين ينجح فيها 435 نائبا، بالإضافة إلى اختيار 34 من أعضاء مجلس الشيوخ من إجمالي 100. وعلى الرغم من أنها فرصة للديمقراطيين لفرض سيطرتهم كسلطة تشريعية، إلا أن قوتهم لن تصل لقرار عزل الرئيس لأنه حتى وإن فاز مرشحوهم بـ 34 كرسيا في مجلس الشيوخ سيظلون دون العدد المطلوب لعزل الرئيس الأمريكي.

على صعيد آخر، قد يكون الخطر على ترمب من الحزب الجمهوري بتخليه عنه ودعم قرار الاتهام، وصولا إلى قرار العزل. ولكن بناء على المستجدات الأخيرة نجد أن هذا غير ممكن، فقد تبين ولاء الناخبين الجمهوريين عبر نتائج الانتخابات التمهيدية للكونجرس بدعمهم للنواب الجمهوريين المؤيدين لسياسات ترمب المثيرة للجدل، ولذلك لن يجازف أي نائب جمهوري في معاداة الرئيس، لأن ذلك قد يؤدي إلى سقوطه كما حصل مع حاكم ولاية كارلولينا الجنوبية النائب مارك سانفورد الذي خسر منصبه في الانتخابات التمهيدية بسبب انتقاده لترمب في أكثر من مناسبة، فقرر الناخبون التصويت للنائب الجمهوري ترامبير الأكثر تطرفا ودعما للرئيس ترمب.

ولذلك فمن الطبيعي أن يحتفظ النواب الجمهوريون بتحفظهم على الرئيس وقد يدعمونه للحفاظ على شعبيتهم ومناصبهم، خاصة بعد زيادة شعبيته بين الناخبين الجمهوريين في الآونة الأخيرة، وذلك وفق نتيجة استفتاء أجرته قناة «nbc» الأمريكية، والذي اتضح فيه تجاوز شعبية ترمب بين الناخبين الجمهوريين إلى 90% كأعلى نسبة وصل إليها رئيس جمهوري.

واعتقد البعض أن تغريدات ترمب عن العزل ناتجة عن خوفه من اقتراب نهايته، لكنها كانت خطوة مدروسة لخلق فوضى والتأثير على الناخبين الجمهوريين ودفعهم للتصويت للمرشحين الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونجرس، لأن تأثير التغييرات القادمة في قاعتي الكونجرس يكمن في أهمية تصويت النواب كسلطة تشريعية قد لا يستطيع ترمب أن يتعداها لتمرير قراراته وإصلاحاته المثيرة للجدل، فقد يجد ترمب نفسه في معركة مع النواب برفض وتعطيل قراراته الداخلية وانعكاسها على بعض قراراته السياسية الخارجية المهمة، كما حدث مع بيل كلينتون ومعاركه المريرة مع الكونجرس ورفض تمرير بعض تشريعاته.

ولكن بالنسبة لترمب وبناء على نجاحات المرشحين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية لا نستبعد أن أعضاء حزبه سيدعمونه في انتخابات نوفمبر. أما عن قضية عزله فلن تحدث ما لم تستجد مع المحقق مولر حقائق يصعب تفاديها.

ReaderRiy@