تفاعل

نحو مستقبل أفضل

محمد مثري الحويطي
على هامش القمة العالمية للإعاقة المنعقدة في لندن الثلاثاء 24 يوليو 2018 التي نظمتها وزارة التنمية الدولية البريطانية وحكومة كينيا والتحالف الدولي للإعاقة، وقد شاركت المملكة العربية السعودية في هذه القمة ممثلة في نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتورة تماضر الرماح، جرت مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بحقوق الأفراد من ذوي الإعاقة في البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل، حيث يعاني الأشخاص من ذوي الإعاقة أشكالا متعددة من التمييز والتهميش والتجاهل، الأمر الذي أدى إلى صعوبة حصولهم على العمل المناسب، وعدم قدرتهم على الاستقلال الاقتصادي، كما أنهم أكثر عرضة للعمل بأجور منخفضة وبشكل غير رسمي وغير مستقر مقارنة بالأشخاص العاديين، لذا فإن هناك حاجة ماسة إلى تفعيل السياسات والتشريعات التي تضمن تمكين الأشخاص من ذوي الإعاقة من تحقيق الدخل الآمن والتقدم اقتصاديا من خلال العمل بأجر أو العمل لحسابهم الخاص، بالإضافة إلى تمكينهم من اتخاذ القرارات الاقتصادية داخل وخارج المنزل.

لذلك فإن تفعيل سياسة توفير العمل المناسب واتخاذ القرارات الاقتصادية المتعلقة بهم يتطلبان من القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني بكل أطيافه والأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعملون في شراكة، وضع تدابير عملية وتدريجية تضمن أن الأشخاص من ذوي الإعاقة يتعلمون ويحققون الحقوق والفرص الاقتصادية والخيارات نفسها كالأشخاص العاديين، كما ناقشت القمة حصول ذوي الإعاقة وبدون استثناء على حقهم في التعليم، وأشارت إلى أن أكثر من نصف الأطفال من ذوي الإعاقة - البالغ عددهم 65 مليون طفل - في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لم توفر لهم فرصة التعلم، بالإضافة لمواجهتهم عددا من العقبات التي تعرقل عملية وصولهم للتعليم مثل صعوبة الوصول للمدارس والموارد التعليمية، والتحيز والتمييز من جانب بعض المعلمين، والتنمر الموجه لهم من أقرانهم في المدرسة، وانخفاض معدل الالتحاق في المدرسة مقارنة بأقرانهم العاديين، مما ساهم بلا شك في انخفاض معدل التحصيل الدراسي لهم بما في ذلك معرفة الحد الأدنى من مهارات القراءة والكتابة.

كما تطرقت القمة إلى أهمية تسهيل الوصول إلى التكنولوجيا المساندة لذوي الإعاقة، حيث هناك واحد من كل عشرة أشخاص في العالم اليوم بحاجة إلى التكنولوجيا المساندة، وذلك لتحسين حياتهم ومساعدتهم على الاستقلالية، والتي تشمل الكراسي المتحركة، وتطبيقات تحويل الكلام إلى نص والأدوات المساعدة على السمع والتي يتم استخدامها من قبل ذوي الإعاقة وكبار السن، بحيث تمكنهم من تغيير حياتهم إلى الأفضل، كما أكدت على النتائج السلبية التي تنتج من عدم قدرة هؤلاء الأفراد على الوصول إلى التكنولوجيا المساندة، مما يؤدي حتما إلى الحد من فرص النجاح في المدرسة والمشاركة في المجتمع والاستقلال الاقتصادي، ومع ذلك فهي في الغالب إما مكلفة أو غير متوفرة في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

كما وضعت القمة عددا من الوعود والالتزامات التي تتطلع لتنفيذها، وهي تقديم ودعم الإجراءات التي تعزز التعليم الشامل لذوي الإعاقة مع الموارد اللازمة لوضع الخطط موضع التنفيذ، وإحداث ثورة في مدى توفر التكنولوجيا المساندة الملائمة بما في ذلك التكنولوجيا الرقمية، وتعزيز القيادة والتمثيل المتنوع لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة ليكونوا في مقدمة التغيير كقادة وشركاء ودعاة، والقضاء على التهميش والتمييز من خلال التشريعات والسياسات التي تحدث فرقا، وإيجاد حلول اقتصادية بحيث يمكن لذوي الإعاقة التمتع بالعمل اللائق وتحقيق الاستقلال المالي، والدفاع عن حقوق الأشخاص الأقل تمثيلا وتهميشا من ذوي الإعاقات ومن جميع الأعمار والمتضررين من أي شكل من أشكال التمييز، ولا سيما النساء والفتيات ذوات الإعاقة، وجمع واستخدام بيانات وأدلة أفضل لفهم ومعالجة حجم وطبيعة التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة باستخدام أدوات تم اختبارها.

لذا فإن ما ورد في هذه القمة من التزامات تتماشى بالطبع مع تحقيق رؤية السعودية 2030 للمضي قدما نحو تغيير شامل ومستقبل أفضل لذوي الإعاقة في مملكتنا، والتي تتطلع دائما لتنفيذ أفضل الممارسات العالمية المتعلقة بحقوق ذوي الإعاقة وضمان الحقوق والحريات والكرامة والاندماج لجميع الأشخاص من ذوي الإعاقة في المجتمع في المجالات كافة.