العاشقون للمستور!
الاثنين / 16 / ذو الحجة / 1439 هـ - 19:15 - الاثنين 27 أغسطس 2018 19:15
هكذا هو الإنسان، فضولي بطبعه، ولولا فضوله لما اكتشف هذه الحياة بتفاصيلها العظيمة والمجنونة، لكن لكل شيء ضريبة، ولكل إيجابي جانبه السلبي، وهذه بعض السلبية في فضول الإنسان العربي.
- في المطار سيدة عطشانة جدا، ومنقبة وتشرب الماء. جزء من وجهها ينكشف، لأنها تريد أن تشرب، يكاد يقتلك الفضول وأنت تنظر. وتكاد تميل وجهك تجاه الزاوية المكشوفة، وبجانبك زوجتك، ولا يردعك هذا عن أن تتوقف نظراتك، إذن أنت عاشق للمستور!
- خدمة في تطبيق الواتس اب منتظرة، وهي أن أي رسالة من الآخرين تم حذفها يمكن استرجاعها ومشاهدتها، هل ترغب بهذه الخدمة؟ هل تروق لك؟ هل تبحث عن من يضيف إليك هذه الخدمة إن كنت غير مهتم بالتقنية؟ إذن أنت عاشق للمستور!
- الرجل الذي يخرج سيارته من كراج بيته. ينفتح الباب الكهربائي حتى آخره. هل تنظر للبيت؟ إنه مثل بيتك تماما، إلى ماذا تنظر؟ وماذا تحاول أن تكتشف؟ لماذا لا تمنع عينيك من الانزلاق (داخل داخل داخل) البيت؟! عموما إن فعلت فأنت عاشق للمستور!
غرفة أحد الضيوف في أحد الفنادق بابها موارب، لكن ثمة فتحة صغيرة. وأنت مار بسرعة، لا تتمالك عينيك وهما تطلان فيها، تبحث عن شيء أو لا شيء، هي غرفة تشبهك غرفتك، إن كان هذا الموقف مغر باستراق النظر، فأنت عاشق للمستور!
إن كنت ماشيا ثم فتح أحد أصحاب السيارات «الشنطة» الخلفية للسيارة، فلم تتمالك عينيك وهما تطلان (داخل دخل داخل) السيارة لتنظر إلى حاجياته وهل هي مرتبة أم لا، وماذا يوجد فيها؟ فأنت عاشق للمستور وأهله!
إذا التقطت عيناك إحدى هذه الكلمات في خطاب ما «سري جدا، عاجل جدا، يسلم بيده شخصيا، أو كلمات تشبهها» وباتت نفسك تحرضك على النظر فيه، لدرجة أن صاحب المكتب يلحظ اهتمامك وأنت تقاوم، ولا زلت ترغب في قراءة محتواه، رغم أن الخطاب مقلوب وبالاتجاه الآخر، بل تكاد تقلب رقبتك المسكينة معه طمعا بالخروج بشيء من هذا السري، أو العاجل، فأنت أحد العاشقين للمستور.
بالمناسبة أنا لا أتكلم عن ذاك الذي يتجرأ ويقرأ مباشرة أو ذاك الذي يتهور ليمسك بالخطاب ويقرأه، فهذا ليس عاشقا بل (قليل أدب)!
أما إن كنت لا تقاوم النظر في هواتف الآخرين وجوالاتهم المتنقلة وتختلس النظر إليها، فالموضوع وصل لمرحلة «مرضية» ليست لها علاقة «بالعاشقين للمستور»، وعليك أن تربي نفسك على ألا تنظر في جوال غيرك، وألا تقول له بعد أن تقرأ: هذا القلب الأحمر المكسور لمن يا عاشق يا مكلوم؟!
أما إن كنت من هواة الاطلاع على الإيصال البنكي الذي تركه العميل الذي قبلك على ماكينة الصراف الآلي وتطلع على حسابه وكم صرف تلك اللحظة، فأنت من العاشقين للمستور!
أخيرا، لست مطالبا بأن تقول «بعض أو كل هذه الأشياء فيني»، لأنها لا تسر، وليست مصدرا للفخر مطلقا، فقط حاول أن تنصرف عن هذه الصفات وقاوم نفسك، وإن لم تستطع أن تقاوم نفسك فانصرف عنها، وقاوم نفسك!
وفي العموم، إن كانت فيك أو لم تكن فيك صفات العاشق للمستور، ليس عليك أن تعترف، فالاعتراف صعب، لكن يكفي أن تبتسم بعد قراءة هذا المقال، والوصف المحلي لعبارة «العاشقون للمستور» هو «الملاقيف».
@Halemalbaarrak