من كولومبوس إلى حكومة كندا
الجمعة / 28 / ذو القعدة / 1439 هـ - 20:45 - الجمعة 10 أغسطس 2018 20:45
«التاريخ يكتبه المنتصرون»، نقرأ هذه المقولة في المقالات السياسية والتاريخية لقربها من الحقيقة، فعندما ينتصر وينجح القوي يجبر البقية على خفض أصواتهم، فتنقل قصته وتموت بقية القصص بوفاة أصحابها. ويستوجب علينا ذكر البحار كريستوفر كولومبوس كأحد الأمثلة، حيث تم نقل تفاصيل حياته ومغامراته في اكتشاف أمريكا قبل خمسة قرون، ولكن تجاهل المؤرخون أن حياة المستكشف الإيطالي مليئة بدماء المظلومين من سكان أمريكا الأصليين.
فبعد وصوله للسواحل الأمريكية عام 1492 أطلق كولومبوس على السكان الأصليين اسم «الهنود الحمر»، معتقدا أنه في سواحل بلاد الهند، سعى بعدها إلى إبادتهم بعد إدراكه أنه في أراض جديدة مليئة بالخيرات والأموال، وبكل شراسة سعى القائد البحري والأوروبيون إلى الطرق الأسهل في قتل السكان الأصليين، فاحتلت الأمراض المعدية الصدارة في تلك الوسائل بنشر بكتيريا أمراض كالحصبة والجدري التي كانت أجساد السكان تفتقر إلى المناعة ضدها، وذلك عن طريق توزيع البطانيات الموبوءة بينهم. كانت قبيلة التاينو في هيسبانيولا أول القبائل التي تم القضاء عليها بنشر الأمراض المعدية، فقضى 70% منهم نحبهم في 30 عاما.
وقد أثبتت دموية الأوروبيين بقيادة كولومبوس عبر دراسات أجراها الباحثون والمؤرخون، وبينت التقديرات أن عدد السكان الأصليين للأمريكتين عام 1492، أي قبل رحلة كولومبوس، كان يصل إلى 122 مليون نسمة، وبعدها انخفض العدد إلى أقل من 6 ملايين نسمة، وذلك بحلول عام 1650، أي بعد 60 سنة من وصول الأوروبيين للأراضي الأمريكية.
ويطالب السكان الأصليون اليوم الحكومة الأمريكية بإلغاء الاحتفالية السنوية المسماة يوم كولومبوس بسبب ما قام به ضد أبناء جلدتهم، وبناء على ذلك قررت بلدية مدينة سياتل استبدال يوم كولومبوس بآخر سمي يوم السكان الأصليين، أما بلدية منهاتن في ولاية نيويورك فتدرس بجدية المطالبات حول إزالة أشهر تماثيل كريستوفر كولومبوس القريب من حديقة السنترال بارك.
أما عن معاناتهم اليوم، فما زال السكان الأصليون في كندا، والذين يبلغون 4% من إجمالي السكان، يعانون من تجاهل الحكومة بشكل ظالم، إذ يعانون من الفقر، والبطالة، والعزلة ونقص السكن وارتفاع معدل الجريمة ضدهم، وعدم الأمن، وهي سمات واضحة في مناطقهم التي أصبحت مهددة بمخاطر ناجمة عن استخراج المعادن وقطع الأخشاب والتلوث البيئي والخصخصة. كذلك، بحسب التقديرات الرسمية تعرضت 4000 امرأة من السكان الأصليين للاختفاء القسري أو الاغتيال في الـ 30 سنة الأخيرة بكندا، دون أن تجتهد الشرطة في فك طلاسم القضايا.
أما ظاهرة الانتحار فهي منتشرة بشكل مرعب لدى الشباب في المحميات، ونسبتها أكبر بستة أضعاف منها لدى بقية السكان في كندا. بسبب هذه المشاكل أعلنت زعيمة إحدى القبائل تيريزا سبنس عام 2013 إضرابها عن الطعام على أمل تحقيق مطالبات قبيلتها، والذي استمر لمدة شهر ونقلت إثره إلى المستشفى.
معاناة السكان الأصليين في الماضي والحاضر تعيد لنا النظر في القراءة الموضوعية في صفحات الأخبار اليومية وكتب التاريخ التي تجعلك تتساءل حول مدى صحتها، وهل ما نقرؤه صحيح أم ربما انجرف قلم الكاتب لأحد الأطراف على حساب أطراف أخرى؟
ReaderRiy@
فبعد وصوله للسواحل الأمريكية عام 1492 أطلق كولومبوس على السكان الأصليين اسم «الهنود الحمر»، معتقدا أنه في سواحل بلاد الهند، سعى بعدها إلى إبادتهم بعد إدراكه أنه في أراض جديدة مليئة بالخيرات والأموال، وبكل شراسة سعى القائد البحري والأوروبيون إلى الطرق الأسهل في قتل السكان الأصليين، فاحتلت الأمراض المعدية الصدارة في تلك الوسائل بنشر بكتيريا أمراض كالحصبة والجدري التي كانت أجساد السكان تفتقر إلى المناعة ضدها، وذلك عن طريق توزيع البطانيات الموبوءة بينهم. كانت قبيلة التاينو في هيسبانيولا أول القبائل التي تم القضاء عليها بنشر الأمراض المعدية، فقضى 70% منهم نحبهم في 30 عاما.
وقد أثبتت دموية الأوروبيين بقيادة كولومبوس عبر دراسات أجراها الباحثون والمؤرخون، وبينت التقديرات أن عدد السكان الأصليين للأمريكتين عام 1492، أي قبل رحلة كولومبوس، كان يصل إلى 122 مليون نسمة، وبعدها انخفض العدد إلى أقل من 6 ملايين نسمة، وذلك بحلول عام 1650، أي بعد 60 سنة من وصول الأوروبيين للأراضي الأمريكية.
ويطالب السكان الأصليون اليوم الحكومة الأمريكية بإلغاء الاحتفالية السنوية المسماة يوم كولومبوس بسبب ما قام به ضد أبناء جلدتهم، وبناء على ذلك قررت بلدية مدينة سياتل استبدال يوم كولومبوس بآخر سمي يوم السكان الأصليين، أما بلدية منهاتن في ولاية نيويورك فتدرس بجدية المطالبات حول إزالة أشهر تماثيل كريستوفر كولومبوس القريب من حديقة السنترال بارك.
أما عن معاناتهم اليوم، فما زال السكان الأصليون في كندا، والذين يبلغون 4% من إجمالي السكان، يعانون من تجاهل الحكومة بشكل ظالم، إذ يعانون من الفقر، والبطالة، والعزلة ونقص السكن وارتفاع معدل الجريمة ضدهم، وعدم الأمن، وهي سمات واضحة في مناطقهم التي أصبحت مهددة بمخاطر ناجمة عن استخراج المعادن وقطع الأخشاب والتلوث البيئي والخصخصة. كذلك، بحسب التقديرات الرسمية تعرضت 4000 امرأة من السكان الأصليين للاختفاء القسري أو الاغتيال في الـ 30 سنة الأخيرة بكندا، دون أن تجتهد الشرطة في فك طلاسم القضايا.
أما ظاهرة الانتحار فهي منتشرة بشكل مرعب لدى الشباب في المحميات، ونسبتها أكبر بستة أضعاف منها لدى بقية السكان في كندا. بسبب هذه المشاكل أعلنت زعيمة إحدى القبائل تيريزا سبنس عام 2013 إضرابها عن الطعام على أمل تحقيق مطالبات قبيلتها، والذي استمر لمدة شهر ونقلت إثره إلى المستشفى.
معاناة السكان الأصليين في الماضي والحاضر تعيد لنا النظر في القراءة الموضوعية في صفحات الأخبار اليومية وكتب التاريخ التي تجعلك تتساءل حول مدى صحتها، وهل ما نقرؤه صحيح أم ربما انجرف قلم الكاتب لأحد الأطراف على حساب أطراف أخرى؟
ReaderRiy@