الصفرية الترمبية
الخميس / 20 / ذو القعدة / 1439 هـ - 19:30 - الخميس 2 أغسطس 2018 19:30
شرق أوسطيا الرابح الوحيد من «المعادلة الصفرية The Zero Sum Game» التي يعتمدها الرئيس ترمب هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى ولو كان ذلك على حساب الجميع بمن فيهم إسرائيل. فمواصلة عدم الاتزان في السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط ستكون من تبعاتها استدامة عدم الاستقرار عبر إطالة أمد الصراعات في المنطقة. وأحد أبرز المؤشرات على ذلك تخلي الصين عن حراكها الدبلوماسي غير المحسوس وتبني الانخراط المباشر في الملفات الكبرى شرق أوسطيا عبر مبعوثها الخاص لسوريا شياو يان. فبحسب جريدة الجيروزيلم بوست في عددها الصادر بتاريخ 31 يوليو 2018، فإن السيد شاو حل ضيفا على تل أبيب ليقترح لقاء قمة تضم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الإيراني روحاني. وتأتي تلك الزيارة ضمن جولة شملت كلا من الرياض ودمشق (حسب الجريدة). إلا أن دخول الصين على خط الأزمة السورية كان بهدف إظهار الدعم لحليفتها إيران بعد فشل الوزير لافروف في إقناع إسرائيل ببقاء إيران في سوريا.
الرئيس ترمب لم يعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل فقط، بل نصب بنيامين نتنياهو وليس إسرائيل شرطيا مطلق الصلاحيات في المنطقة، وذلك ما أثار حفيظة واستياء كافة حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا. وفي محاولة يائسة منه لاحتواء الموقف وإعادة بعض الدفء في العلاقات بين الرياض وواشنطن، أطلق مقترحه بإنشاء حلف عسكري على غرار حلف الناتو يضم في عضويته بالإضافة لدول الخليج العربية كلا من مصر والأردن، إلا أن ذلك المقترح لم يلاق أي اهتمام حقيقي بعد تجاهل الرياض له. وأفاد تقرير نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في الأول من أغسطس الحالي، باستلام الولايات المتحدة رفضا رسميا من المملكة العربية السعودية لخطة السلام المقترحة من إدارة ترمب. وتزامن ذلك مع تصريح لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد فيه وقوف المملكة العربية السعودية مع أي قرار سيتخذه الفلسطينيون.
في عام 2001 نشر وزير الخارجية الأسبق هنري كسينجر رؤيته الاستشرافية لمستقبل العلاقات الخارجية للولايات المتحدة في الألفية الجديدة في كتاب بعنوان «هل تحتاج أمريكا لسياسة خارجية Does America Need a Foreign Policy». من خلال ذلك الكتاب تتضح أسس العلاقات الخارجية التاريخية للولايات المتحدة ورؤيتها لمفهومي الأمن والاستقرار الدولي، إلا أنه كان مبهما عندما أتى على تناول مفهوم الولايات المتحدة لأمن واستقرار الشرق الأوسط مستقبليا، في حين كان واضحا جدا من مكانة إسرائيل من المنظورين الأمني والسياسي. وعلى الرغم من كل التحديات التي مر بها الشرق الأوسط منذ مطلع الألفية إلى يومنا هذا، إلا أن تلك المبادئ الأمريكية لم تطرأ عليها أي مراجعات رغم كم التحولات السياسية والاجتماعية.
الموقف من إيران حيوي لإعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن ليست إيران فقط مصدر التهديد الأوحد للاستقرار القابل للاستدامة، فتخبط السياسات الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة منذ جورج بوش الابن إلى يومنا هذا لم يمثل تعاطيا متوازنا مع مصالح كافة حلفائها في الشرق الأوسط. ومثلت حربها على الاٍرهاب أكبر أخطائها بعد تبني الرئيس أوباما استراتيجية «إرادة التغير» بديلا «لتغير الأنظمة».
الولايات المتحدة الأمريكية ليست ناضجة سياسيا الآن لتدرك قيمة الفرصة المهدرة بتفريطها بمبادرة السلام العربية ناهيك عن إخراج حلفائها من معادلة إعادة الاستقرار في الشرق الأوسط. وحتى مع إدراكنا هدف الرئيس ترمب من مهادنة بوتين شرق أوسطيا بغرض حلحلة بعض الملفات العالقة في أوروبا بالإضافة لمحاولة استمالته ولو بشكل نسبي بعيدا عن حليفته الصين، إلا أن ذلك يؤكد حجم القصور في القراءة الاستراتيجية لدى إدارة الرئيس ترمب. فالبراغماتية الصينية تختلف جذريا عن الروسية، أضف إلى ذلك أن الصين لن تضحي بإيران لحيوية جغرافيتها في استراتيجية الطوق والطريق. وحتى في حال سقط النظام السياسي القائم في إيران، فإن الصين «سياسيا» باتت تشترك وإيران في حدود ضمنية جراء تموضعها الاستراتيجي في جمهوريات آسيا الوسطى وباكستان.
aj_jobs@
الرئيس ترمب لم يعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل فقط، بل نصب بنيامين نتنياهو وليس إسرائيل شرطيا مطلق الصلاحيات في المنطقة، وذلك ما أثار حفيظة واستياء كافة حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا. وفي محاولة يائسة منه لاحتواء الموقف وإعادة بعض الدفء في العلاقات بين الرياض وواشنطن، أطلق مقترحه بإنشاء حلف عسكري على غرار حلف الناتو يضم في عضويته بالإضافة لدول الخليج العربية كلا من مصر والأردن، إلا أن ذلك المقترح لم يلاق أي اهتمام حقيقي بعد تجاهل الرياض له. وأفاد تقرير نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في الأول من أغسطس الحالي، باستلام الولايات المتحدة رفضا رسميا من المملكة العربية السعودية لخطة السلام المقترحة من إدارة ترمب. وتزامن ذلك مع تصريح لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد فيه وقوف المملكة العربية السعودية مع أي قرار سيتخذه الفلسطينيون.
في عام 2001 نشر وزير الخارجية الأسبق هنري كسينجر رؤيته الاستشرافية لمستقبل العلاقات الخارجية للولايات المتحدة في الألفية الجديدة في كتاب بعنوان «هل تحتاج أمريكا لسياسة خارجية Does America Need a Foreign Policy». من خلال ذلك الكتاب تتضح أسس العلاقات الخارجية التاريخية للولايات المتحدة ورؤيتها لمفهومي الأمن والاستقرار الدولي، إلا أنه كان مبهما عندما أتى على تناول مفهوم الولايات المتحدة لأمن واستقرار الشرق الأوسط مستقبليا، في حين كان واضحا جدا من مكانة إسرائيل من المنظورين الأمني والسياسي. وعلى الرغم من كل التحديات التي مر بها الشرق الأوسط منذ مطلع الألفية إلى يومنا هذا، إلا أن تلك المبادئ الأمريكية لم تطرأ عليها أي مراجعات رغم كم التحولات السياسية والاجتماعية.
الموقف من إيران حيوي لإعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن ليست إيران فقط مصدر التهديد الأوحد للاستقرار القابل للاستدامة، فتخبط السياسات الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة منذ جورج بوش الابن إلى يومنا هذا لم يمثل تعاطيا متوازنا مع مصالح كافة حلفائها في الشرق الأوسط. ومثلت حربها على الاٍرهاب أكبر أخطائها بعد تبني الرئيس أوباما استراتيجية «إرادة التغير» بديلا «لتغير الأنظمة».
الولايات المتحدة الأمريكية ليست ناضجة سياسيا الآن لتدرك قيمة الفرصة المهدرة بتفريطها بمبادرة السلام العربية ناهيك عن إخراج حلفائها من معادلة إعادة الاستقرار في الشرق الأوسط. وحتى مع إدراكنا هدف الرئيس ترمب من مهادنة بوتين شرق أوسطيا بغرض حلحلة بعض الملفات العالقة في أوروبا بالإضافة لمحاولة استمالته ولو بشكل نسبي بعيدا عن حليفته الصين، إلا أن ذلك يؤكد حجم القصور في القراءة الاستراتيجية لدى إدارة الرئيس ترمب. فالبراغماتية الصينية تختلف جذريا عن الروسية، أضف إلى ذلك أن الصين لن تضحي بإيران لحيوية جغرافيتها في استراتيجية الطوق والطريق. وحتى في حال سقط النظام السياسي القائم في إيران، فإن الصين «سياسيا» باتت تشترك وإيران في حدود ضمنية جراء تموضعها الاستراتيجي في جمهوريات آسيا الوسطى وباكستان.
aj_jobs@