أسهل من الكذبة على شفاه الكبار!
سنابل موقوتة
الأربعاء / 13 / شوال / 1439 هـ - 19:15 - الأربعاء 27 يونيو 2018 19:15
أنا واحد من أولئك الذين غرر بهم بدر بن عبدالمحسن ومحمد عبده وأقنعاهم بأن الأطفال يكذبون أكثر من غيرهم، أوهمانا أن «الكذبة على شفة طفل» شيء سهل يسير، وهذا الذي جعلني ـ أنا وبعض المغرر بهم ـ نقتنع بأن ذلك يعني ضمنا أن الكذب أمر صعب المنال على الكائن البشري حين يجتاز مرحلة الطفولة.
ثم إني كبرت ـ كما يفعل الناس جميعا ـ واكتشفت أن الكبار لا يكذبون وحسب، بل إن الكذب هو سرهم الأعظم الذي كانوا يخبئونه عن الأطفال حين يسألون عن أي شيء فتأتيهم الإجابة «تكبر وتعرف».
والكذب ـ كما تعلمون وتعملون معاشر الكبار ـ هو إحدى الخصائص التي انفرد بها الإنسان عن سائر المخلوقات، إنه خصلة بشرية خالصة صافية لا يشاركه فيها أحد، حتى الشيطان الرجيم نفسه كان صريحا وواضحا وهو يعصي الله سبحانه وتعالى، وأعلن أهدافه بوضوح وأنه لا يريد المهلة إلى يوم الدين إلا من أجل إفساد البشرية.
وفي العربية يقال «الكذابان» إشارة إلى مسيلمة الحنفي والأسود العنسي، وهذا يدل على أن الكذب لم يكن شيئا مستساغا، وكان رزية يوصف بها من يتحرى الكذب، لدرجة أن العرب حين يقال لها الكذاب أو الكذابان فإنه لا يتبادر إلى أذهانهم إلا شخص أو شخصان، ثم مرت الأيام ولم يتغير لقبهما، ولكن الكذب تغير وأصبح شائعا ومستساغا إلى درجة يبدو فيها مسيلمة شخصا وقورا يتحرج من بعض الكذبات التي تقال اليوم على أنها حقائق لا تقبل الجدال. وهذا من عيوب ذلك الزمان الغابر الذي كان شحيحا بالمواهب فيما يبدو.
والحقيقة أن قليلا من التأمل والتفكير ربما يجعلنا نقتنع بالفعل أن الحياة دون كذب أمر لا يطاق ولا يستساغ، وقد شاهدت فيلما سخيفا لكن فكرته جميلة، وتدور فكرته حول تخيل حياة بدون كذب على الإطلاق، وكيف فوجئ أول شخص يكذب بأن تغييره لبعض الحقائق يحقق له مكاسب كثيرة
لأن الناس لا يعلمون أصلا أنه يمكن تغيير الحقائق وتبدو لهم فكرة خيالية لا يمكن أن تحدث.
وعلى أي حال..
وبعيدا عن الأفلام ـ ليس كثيرا ـ فإن الكذب في الأمور التافهة أو استتفاه الكذب واعتباره أمرا طريفا أمر أخطر مما يتصوره الظرفاء، ولذلك فإن الشخص الذي لا يريد ولا يحب أن يعرف بين العالمين بأنه «كذاب» يفترض أن ينأى بنفسه عنه.
وتكمن خطورته في فكرة بسيطة: اكذب في أمور صغيرة يعرف الناس حقيقتها، لكن لا تفاجأ حين لا يصدقونك وأنت تخبرهم «بالحقيقة» في الأمور الكبيرة التي لا يعرفونها.
@agrni
ثم إني كبرت ـ كما يفعل الناس جميعا ـ واكتشفت أن الكبار لا يكذبون وحسب، بل إن الكذب هو سرهم الأعظم الذي كانوا يخبئونه عن الأطفال حين يسألون عن أي شيء فتأتيهم الإجابة «تكبر وتعرف».
والكذب ـ كما تعلمون وتعملون معاشر الكبار ـ هو إحدى الخصائص التي انفرد بها الإنسان عن سائر المخلوقات، إنه خصلة بشرية خالصة صافية لا يشاركه فيها أحد، حتى الشيطان الرجيم نفسه كان صريحا وواضحا وهو يعصي الله سبحانه وتعالى، وأعلن أهدافه بوضوح وأنه لا يريد المهلة إلى يوم الدين إلا من أجل إفساد البشرية.
وفي العربية يقال «الكذابان» إشارة إلى مسيلمة الحنفي والأسود العنسي، وهذا يدل على أن الكذب لم يكن شيئا مستساغا، وكان رزية يوصف بها من يتحرى الكذب، لدرجة أن العرب حين يقال لها الكذاب أو الكذابان فإنه لا يتبادر إلى أذهانهم إلا شخص أو شخصان، ثم مرت الأيام ولم يتغير لقبهما، ولكن الكذب تغير وأصبح شائعا ومستساغا إلى درجة يبدو فيها مسيلمة شخصا وقورا يتحرج من بعض الكذبات التي تقال اليوم على أنها حقائق لا تقبل الجدال. وهذا من عيوب ذلك الزمان الغابر الذي كان شحيحا بالمواهب فيما يبدو.
والحقيقة أن قليلا من التأمل والتفكير ربما يجعلنا نقتنع بالفعل أن الحياة دون كذب أمر لا يطاق ولا يستساغ، وقد شاهدت فيلما سخيفا لكن فكرته جميلة، وتدور فكرته حول تخيل حياة بدون كذب على الإطلاق، وكيف فوجئ أول شخص يكذب بأن تغييره لبعض الحقائق يحقق له مكاسب كثيرة
لأن الناس لا يعلمون أصلا أنه يمكن تغيير الحقائق وتبدو لهم فكرة خيالية لا يمكن أن تحدث.
وعلى أي حال..
وبعيدا عن الأفلام ـ ليس كثيرا ـ فإن الكذب في الأمور التافهة أو استتفاه الكذب واعتباره أمرا طريفا أمر أخطر مما يتصوره الظرفاء، ولذلك فإن الشخص الذي لا يريد ولا يحب أن يعرف بين العالمين بأنه «كذاب» يفترض أن ينأى بنفسه عنه.
وتكمن خطورته في فكرة بسيطة: اكذب في أمور صغيرة يعرف الناس حقيقتها، لكن لا تفاجأ حين لا يصدقونك وأنت تخبرهم «بالحقيقة» في الأمور الكبيرة التي لا يعرفونها.
@agrni