الرأي

ملاءة الجهل

u0641u0647u062f u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647
ملاءة الجهل حقيقة تفرض هيمنتها على الإنسان مهما تشعبت معارفه وتألق في خطى الوعي، لكون المعلومات والمعارف في طبيعتها متمددة، وليست لها نقطة في نهاية السطر، وكذلك الإنسان بطبيعته العقلية وحواسه الإدراكية المحدودة فهي لن تكون قادرة على مواءمة تمدد المعرفة المطرد.

وهذه الحقيقة تتعاظم داخل الوجدان والنفس عندما يتنامى الكيف المعرفي لدى العقل، ويجد هذه الحقيقة تلازمه كلما وقف على حيز معرفي جديد.

مهما بلغ الإنسان من المعرفة والوعي وحيازة المعلومة ستبقى هناك مساحات جهل لا نهائية لا يمكن إشغالها وإعمارها مهما بلغت به المدارك والآفاق.

والإيمان بهذه المسلمة حتما سيقوده إلى التواضع وتحري المعرفة من الآخرين وطرق أبواب الحكمة فضلا عن البعد عن العصامية وبعث روح التكامل في صياغة الأعمال.

وهذه المتلازمة بين الترقي المعرفي ومعرفة مساحات الجهل ما إن تلامس شغاف الوعي لدى الإنسان حتى تجد لديه كثيرا من الترسبات الذهنية التي تكونت عبر الزمن وتظهر في شكل عادات وسلوكيات خاطئة مصيرها إلى الإذابة والزوال، كأحادية الرأي ومناوءة جديد الأفكار، وكذلك عدم الإنصات. ولا يكون الدخول في حوارات إلا رغبة في معرفة أصح المعاني وأقومها.

وهذه المتلازمة تفرض على الفرد يوما بعد آخر في مسيرة الوعي أهمية معرفة الآراء الأخرى والتقصي عن جودتها والتأدب بآداب الإنصات لها فضلا عن عدم تهميشها أو ازدرائها مهما كان حجم الاختلاف فيها أو وضوح خطئها لكون أدبيات هذه المتلازمة ظهرت كنتيجة تلقائية لحالة الوعي الجديدة التي أبرز ملامح هندامها الهدوء والإيمان بحق الأفكار الأخرى مهما كانت شذوذيتها بالوجود.

وتفرض أيضا

على المؤسسات والشركات والأعمال الجماعية بشكل عام أهمية التنوع المعرفي من خلال التنوع في الأفكار والشخصيات واختلاف التخصصات والنواحي العلمية، شريطة ضبط العمليات الإجرائية للقرارات بطرق حكيمة تضمن تنوع الآراء واختلافها وجودة إنتاج القرارات.

العمل من خلال مبدأ منتهى المعرفة الفردي يناقض حقيقة ملاءة الجهل رغم ما في ظاهره من التخصصية المفيدة أو الموسوعية، وإنه في استفراده بالرأي كان أوفر حظا للخطأ، وإذا حالفه الصواب كان صوابا غير مكتمل، وإذا اكتمل مرة سينقص مرات عديدة.

fahdabdullahz@