تفاعل

منهجية الأبواق في إعلامهم الميكافيلي

u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647 u0627u0644u0639u0648u0644u0642u064a
كثر الحديث الإعلامي في وسائل الإعلام المشبوهة حول دور المملكة وعلاقتها بالقدس والقضية الفلسطينية، وعلى الرغم من جلاء الموقف طيلة الثمانية عقود المنصرمة، إلا أن الأبواق العمياء تمنهج الأقلام المأجورة والأفواه المرتزقة التي لا يزال دوي نباحها محصورا بين أذنابهم الجهلة وأتباعهم المغفلين، ومن واجبنا معشر الكتاب أن نبين منهجيتهم البائسة في إعلامهم المتهالك، حتى ولو كان جلاء الحق معنا كرابعة الشمس في وضح النهار.

لقد نشأت الحركة الصهيونية في رحم أوروبا الاستعمارية حينها، وهدفت إلى صياغة تاريخ وجغرافيا جديدين للأرض الفلسطينية عبر نمط استراتيجي يرتكز على سياسة تهجير السكان الأصليين من بلدانهم وإحلال المستعمرات اليهودية في الديار المحتلة، وبالتالي الاستيلاء على الأرض وما تمتلكه من ثروات وخيرات لصالح الكيان الصهيوني المحتل. وقد بذلت القوى الكبرى حينها - ولا تزال - جهودها وأموالها، وذللت كافة المصاعب والعقبات في سبيل استزراع هذا الورم في الجسد العربي، ومن حينها والدول العربية كافة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تسعى في سبيل إعادة الحق إلى أصحابه وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وقد أكدت عشرات المرات ألا حل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

منذ عام 1948م والمملكة أكثر دولة عربية وإسلامية وقفت مع القضية الفلسطينية، فقدمت الأرواح وقطعت النفط وساهمت بالنصيب الأكبر من الدعم المالي، وعارضت قرارات الاستيطان، وأيدت حق اللاجئين في العودة، وأعلنت أن القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين، وعارضت قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وكررت دعواتها لإقامة الاجتماعات الطارئة سواء للجامعة العربية أو لمنظمة العالم الإسلامي في كل مرة تتصاعد فيها الأزمة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني. ولعل مقولة الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن مواقف المملكة تلخص ذلك، حيث قال: إن المملكة قد وقفت معنا منذ البداية وموقفها ثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني، والمملكة صامدة ولن تتنازل أو تساوم عن مبادئها وقيمها الإسلامية خصوصا القضايا المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يتمركز ثبات موقفها بإقرارها أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية.

ولو تأملنا منهجية هؤلاء الأبواق لوجدناها على نمطين، حيث يتمحور الأول حول الهجوم على سياسة المملكة وحكامها بتلفيق الادعاءات وتزوير حقائق التاريخ والافتراء على مواقفها، بينما يتخذ المحور الثاني منهجية صناعة النموذج الأمثل تجاه القضية الفلسطينية، ولو كان على علاقة رسمية ودبلوماسية علنية مع الكيان الصهيوني بأنماط تضلل الرأي العام وتتلاعب بالذهنية العربية!

إن المواقف الميكافيلية التي تبنتها بعض التنظيمات السياسية واستعملت فيها القضية الفلسطينية كورقة سياسية للتلاعب والتضليل حسب رجوح مصالحها هي اللاعب الأساسي في تكدس أتباعهم المغيبين وراء إعلامهم الممنهج ضد المملكة وسياستها الاتزانية في المنطقة، فأضحت الآلة الإعلامية لعبثهم الممارس من لدن أديولوجياتهم البائسة تكشف لنا أنهم مجرد تجار للقضية، ولا يمتلكون المنهجية السوية أو الإرادة الحقيقية في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.

ومع الأسف، ومن خلال متابعتي لبعض أكاديمييهم ومثقفيهم وجدتهم لا يعرفون الالتزام بالمنهجية أو البحث عن صواب الحقيقة أو الاعتماد على الأسلوب العلمي في تناول الوقائع التاريخية، وإنما يغلقون على أنفسهم جميع وسائل التحقق ويحصرون ذواتهم وسيرهم في وضعية الأبواق العمياء، كترديد ممل وتكراري لنفس الرسائل والأفكار التي أسسها منظرو فكرهم الأيديولوجي!

لقد رأينا في تويتر كيف عجت تغريداتهم وبشكل ممنهج بالإساءة للمملكة تحت وسم نصرة الأقصى، باستراتيجية التلاعب بعقول الأتباع أو نمطية التضليل الإعلامي، وصرفهم عن قضايا يسعون إلى إخفائها، وبالتالي هم يسعون إلى إثارة الفتن وشق الصف العربي تجاه قضيته الأولى، وبذلك هم يقدمون خدمات جليلة وبطابع مجاني نحو الكيان الصهيوني المحتل.

العجيب في النمطية الذهنية التي توجه إعلامهم أنهم يقدمون - كما أسلفنا - نماذج لأتباعهم بدول وتنظيمات سياسية ذات ارتباط دبلوماسي مع إسرائيل، وتاريخيا هذه النماذج قد تخلت عن واجبها القومي تجاه القدس، بل وتحصنت وراء الالتزام الدبلوماسي مع الكيان المحتل الذي لم يلتزم في تاريخه بأي معاهدة أو قرار أممي تجاه القضية التي يتبجحون بنصرتها! وهذه من المفارقات الغريبة في إعلامهم الميكافيللي!