انخفاض أسعار النفط.. رب ضارة نافعة!

مضى ما يقرب من السنة منذ أن بدأت أسعار النفط بالانخفاض، وما زالت بمستويات متدنية لا تتجاوز نصف ما كانت عليه قبل بدء انخفاضها. توقع بعض المحللين أن الأسعار ستبدأ بالارتفاع في منتصف سنة 2015، بسبب الانخفاض المتوقع لمنتجي النفط الصخري في أمريكا، وهذا ما لم يحدث حتى الآن.

مضى ما يقرب من السنة منذ أن بدأت أسعار النفط بالانخفاض، وما زالت بمستويات متدنية لا تتجاوز نصف ما كانت عليه قبل بدء انخفاضها. توقع بعض المحللين أن الأسعار ستبدأ بالارتفاع في منتصف سنة 2015، بسبب الانخفاض المتوقع لمنتجي النفط الصخري في أمريكا، وهذا ما لم يحدث حتى الآن. هذا الاستمرار في انخفاض أسعار النفط سيكون له أثر واضح على الموازنة الحكومية في السعودية، خاصة أن ما يقرب من 85% من الإيرادات الحكومية مصدرها صادراتنا النفطية. وتشير التقارير إلى أن النصف الأول من العام شهد انخفاضا كبيرا في احتياطي المملكة الأجنبي، تجاوز هذا الانخفاض 250 مليار ريال. تواجه الحكومة اليوم خيارين أحلاهما مر، الاستمرار بنفس مستويات الإنفاق للسنوات السابقة حتى لو تسبب ذلك بحدوث عجز، وتغطية العجز من خلال السحب من الاحتياطي. هذا الخيار سيقلل من مستوى التباطؤ الاقتصادي في السعودية، ولكنه سيؤدي لتآكل الاحتياطي في حال استمرت الأسعار في الانخفاض. الخيار الثاني هو تقليل الإنفاق وبالتالي تقليص العجز، هذا الخيار سيحمي الاحتياطيات من التآكل ولكنه سيؤدي حتما إلى تباطؤ حاد في الاقتصاد وربما سيؤدي إلى انكماش. هذه السيناريوهات كلها تفترض أن أسعار النفط لن تعود لمستوياتها السابقة - أكثر من 80 دولارا - وهو أمر لا يمكن الجزم به ولكنه احتمال وارد، بل قد يكون الاحتمال الراجح. فالتباطؤ الاقتصادي العالمي والنفط الصخري ورفع الحصار عن إيران كلها عوامل تسهم في استمرار الانخفاض. كما أن الأسعار المرتفعة للنفط في السنوات الماضية قد تكون هي الاستثناء وليست الأصل. ما نواجهه اليوم من عجز متوقع هو نتيجة حتمية لاعتمادنا شبه الكلي على عوائد النفط، وهذه الأزمة كانت قادمة لا محالة، إن لم تكن اليوم فبعد بضع سنوات. ولكن برأيي، قد نكون محظوظين أننا نواجهها اليوم، لأنها قد تكون فرصة لإصلاح الهيكل الاقتصادي المشوه، هذا الإصلاح لن يكون سهلا أبدا، ولكن وفرة الاحتياطيات الضخمة توفر للحكومة هامشا من الحركة، وتسمح بأن تكون عملية الإصلاح الاقتصادي أكثر مرونة وأقل ألما، وهذا ما لن يكون ممكنا لو واجهنا نفس الأزمة بعد 7 سنوات ومن دون وجود تلك الاحتياطيات.