الرأي

نحن الرياح والسفن

u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647 u0645u062du0645u062f u0627u0644u0635u0628u064au0627u0646u064a
علمونا في مدارسنا ونحن صغار بيت شعر للمتنبي، اشتهر في ذلك الوقت وذاع صيته وسرنا على ذلك النهج كأنه إبرة مهدئة من المورفين، أو كانه مسلمة لا يمكن التجاوز عنها مطلقا، ذلك البيت هو:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

وظل ذلك البيت نبراسا وعلما وراية لمن لم يجد له حظا ونصيبا في العمل أو الوظيفة أو البحث عن أي شيء، لقد أطلنا استخدام ذلك البيت، فإذا تعثر الإنسان في أي مهمة أنيطت به صدح بذلك البيت، وإذا تكاسل في أداء الواجب المكلف به تجده سريعا يلجأ إلى تلك الذريعة (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن).

وبقينا سنين طويلة على تلك الخدعة التي أوجدنا لأنفسنا حلا بها، ونتذرع بها لإسكات أنفسنا أولا، والآخرين ثانيا حتى لا يتهمونا بالكسل أو ببرود البحث وزيادة النشاط، ومعه زيادة المداخيل المعيشية.

لم يعلمونا الأبيات الأخرى التي تزيد الهمة وتبعث الأمل وتحرك المشاعر والأحاسيس نحو الصعود للقمة ومحاربة الظروف والدخول معها في صراع إلى أن نصل إلى النجاح، تلك الأبيات هي:

تجري الرياح كما تجري سفينتنا

نحن الرياح ونحن البحر والسفن

إن الذي يرتجي شيئا بهمته

يلقاه لو حاربته الإنس والجن

فاقصد إلى قمم الأشياء تدركها

تجري الرياح كما رادت لها السفن

ما منعهم أن يزرعوا فينا تلك الدافعية للعمل ورفع الهمم للوصول للقمم، هل كانت الأوضاع تحتم علينا الاستسلام وعدم المحاولة، هل كان يدور بخلدهم أننا أمة خانعة؟ وتحب الخمول والكسل، أم كانوا يبحثون عن شباب يبحث عن المبررات والأعذار والتعلل بما يخدمه في الكسل!

مجموعة من الأبيات الشعرية تقضي على ما هو خامل ومستسلم، أبيات تحدثنا عن الهمة العالية وأن ما يصادفنا من عراقيل يمكننا أن نحوله لصالحنا.

وعندما يقول الشاعر: نحن الرياح ونحن البحر والسفن ‏هنا تتجدد الأماني وترتقي الهمم ويحضر النشاط. هنا يتكون الجيل الطموح الباعث على التغيير الإيجابي، هنا وهنا فقط تتعدل السلوكيات وتقبل التحدي وتكسر المستحيل، هنا وهنا فقط نخلق أجواء التنافس الشريف الذي ستكون مخرجاته نتاج مجتمع يحب العمل ولا يركن للمبررات أو الخمول والكسل. ما أروع متغيراتنا الإيجابية.

ختاما، نعمل بما نستطيع فنحن لا نطلب المستحيل. ولكن لا تعجز عن عمل الممكن.