شكرا أوباما
بعد غياب عبدالناصر وحافظ الأسد وصدام حسين والحزب الاشتراكي اليمني الجنوبي وانهيار الاتحاد السوفيتي لم يبق لروسيا موقع في منطقة الشرق الأوسط.. وظلت دوما تبحث عن مدخل يهيئ لها موطئ قدم في المنطقة.. وقد واتت الفرصة روسيا مع انهيار الوضع في سوريا وتردد أوباما وحلفائه الأوروبيين في احتواء المشكلة السورية واتخاذ قرارات فاعلة تجاهها وتركها تتفاقم بمآسيها الإنسانية وتبعاتها السياسية وتفريخها للعديد من الميليشيات الإسلاموية وتصديرها المهاجرين إلى أوروبا وكذلك تعاظم الدور الإيراني وإرسال إيران قوات برية لسوريا، وتهميش الإرادة الأسدية مقابل الصلف والغطرسة الإيرانية.. كل ذلك قدم المسببات والحيثيات الكافية لروسيا، ليس من أجل التدخل لحل الأزمة والقضاء على داعش كما تدعي، وإنما للبقاء والبقاء طويلا.. يوضح ذلك بناؤها لقاعدتين جويتين بالقرب من اللاذقية، وقاعدة بحرية في طرطوس. باختصار: هناك رغبة روسية للتواجد في الشرق الأوسط.. وهناك المبرر وهو المشكلة في سوريا.. وهناك اللامبالاة الدولية والمتمثلة في التقاعس والتخاذل الغربي تجاه المشكلة.. سيناريو مثالي لروسيا لتحقيق طموحاتها وأهدافها ومطامعها.
الثلاثاء / 30 / ذو الحجة / 1436 هـ - 13:30 - الثلاثاء 13 أكتوبر 2015 13:30
بعد غياب عبدالناصر وحافظ الأسد وصدام حسين والحزب الاشتراكي اليمني الجنوبي وانهيار الاتحاد السوفيتي لم يبق لروسيا موقع في منطقة الشرق الأوسط.. وظلت دوما تبحث عن مدخل يهيئ لها موطئ قدم في المنطقة.. وقد واتت الفرصة روسيا مع انهيار الوضع في سوريا وتردد أوباما وحلفائه الأوروبيين في احتواء المشكلة السورية واتخاذ قرارات فاعلة تجاهها وتركها تتفاقم بمآسيها الإنسانية وتبعاتها السياسية وتفريخها للعديد من الميليشيات الإسلاموية وتصديرها المهاجرين إلى أوروبا وكذلك تعاظم الدور الإيراني وإرسال إيران قوات برية لسوريا، وتهميش الإرادة الأسدية مقابل الصلف والغطرسة الإيرانية.. كل ذلك قدم المسببات والحيثيات الكافية لروسيا، ليس من أجل التدخل لحل الأزمة والقضاء على داعش كما تدعي، وإنما للبقاء والبقاء طويلا.. يوضح ذلك بناؤها لقاعدتين جويتين بالقرب من اللاذقية، وقاعدة بحرية في طرطوس. باختصار: هناك رغبة روسية للتواجد في الشرق الأوسط.. وهناك المبرر وهو المشكلة في سوريا.. وهناك اللامبالاة الدولية والمتمثلة في التقاعس والتخاذل الغربي تجاه المشكلة.. سيناريو مثالي لروسيا لتحقيق طموحاتها وأهدافها ومطامعها. الآن.. والآن فقط تنبهت أمريكا لما حصل وصحت من غفوتها بعد خراب مالطا ووقوع الفأس في الرأس.. الآن بدأت أمريكا في مماحكاتها الغبية تجاه روسيا لتواجدها في سوريا والمنطقة عموما وبهذا الزخم.. تريد أن تكبل أيدي الروس وتحدد لهم مساراتهم وعملياتهم وأهدافهم ولجم تفردهم بالمشهد.. وكأن الإدارة الأمريكية من الغباء بحيث لا تدرك أن الروس لم يقدموا في نزهة وسيرحلون، وإنما أتوا ليستقروا ولخلق نظام ودولة تدور في الفلك الروسي.. فرع لروسيا في المنطقة.. تماما كما هي إسرائيل لأمريكا.. أمريكا لا تدرك أن العلاقة بين روسيا وسوريا الآن ليست نزوة عابرة مع مومس وإنما هي زواج كاثوليكي مقدس. ربما كان أوباما قد صنع التاريخ بكونه أول رئيس أمريكي أسمر البشرة.. لكنه أيضا قد صنع التاريخ بكون إدارته هي الإدارة الأكثر ترددا وتخاذلا وتلكؤا في اتخاذ القرارات تجاه كل قضاياها الداخلية والخارجية بدءا بموضوع التأمين الصحي على المستوى الاجتماعي.. وموضوع النفط الصخري على المستوى الاقتصادي.. وموقف أمريكا من ثورات الربيع العربي وعلاقاتها مع حلفائها لا بدءا بالسعودية ودول الخليج ومصر وليس انتهاء بإسرائيل.. وذلك على المستوى السياسي.. لقد صنع أوباما التاريخ بكونه الرئيس الأسوأ والأضعف إرادة والأقل جرأة والأكثر ترددا وصاحب السجل الأبرز في خلخلة العلاقات الأمريكية العربية وربما ضعضعتها ودفع دول المنطقة باتجاه موسكو التي لم تحظ منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بما تحظى به هذه الأيام من استقطاب واهتمام وزعماء ووفود.. هذه نتيجة العمى الأوبامي والتخبط والفشل في سياساته التي جرحت علاقات استمرت عشرات السنين ربما كان قد أصابتها هنّات ولكن لم يعترها وهن. لقد تغيرت الأمور ولن يجدي أي تحرك الآن لتدارك ما صنعه التخاذل الأمريكي والاستغلال الروسي، ولن تعود الأمور إلى سابق عهدها بأي حال كان.. فكبوة الإدارة الأمريكية وتعثرها وفشلها لن تصلحه عدة إدارات قادمة.. وما تحقق من مكاسب ونفوذ لروسيا في المنطقة لن تتخلى عنه بأي شكل كان وتحت أي ضغط. الشكر كل الشكر للسيد أوباما.