الدبلوماسية السعودية تفكك أزمة سقطرى

الأربعاء - 16 مايو 2018

Wed - 16 May 2018

بحكمة بالغة، وبصيرة نافذة، نجحت المملكة العربية السعودية في نزع فتيل الأزمة التي تفجرت خلال الأيام الماضية بين الحكومة اليمنية ودولة الإمارات حول جزيرة سقطرى، وأعادت الأمور إلى ما كانت عليه، وتوصلت إلى حلول مرضية لكافة الأطراف، وأكدت قوة التلاحم بين عناصر التحالف العربي لدعم الشرعية، ووحدة الهدف المتمثلة في ردع المتمردين الحوثيين، واستعادة الشرعية، وإجهاض مخطط إيران التدميري في المنطقة.

لم يفوت الأعداء والمتربصون ومن اعتادوا الصيد في الماء العكر الفرصة، وسارعوا بمجرد حدوث الاختلاف في وجهات النظر، وصوروه على أنه خلاف في المبادئ والأهداف، وأوعزوا إلى أدواتهم الإعلامية المسعورة التي حاولت افتعال الفتنة، وسعت إلى إحداث الوقيعة، لكن خاب ظنها، وفشل مسعاها. وهذه ليست المرة الأولى التي يحاولون فيها إضعاف عروة التحالف العربي، فمن قبل أشاعوا أن السودان سوف يسحب قواته من أرض اليمن، واستضافوا عناصر موالية لهم، تولت الترويج لذلك الإفك، حتى خرج الرئيس السوداني عمر البشير، ليؤكد بكلمات لا تقبل المزايدة بقاء قوات بلاده ضمن التحالف، وأنه لم يتخذ قرار المشاركة إلا عن قناعة راسخة، ومبادئ ثابتة.

رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، خرج بدوره ليئد الفتنة، ويقدم الشكر لدولة الإمارات على ما قدمته من تضحيات، وما بذلته ولا تزال تبذله من جهود لاستعادة الشرعية، ويشيد بالحكمة السعودية قائلا «شكرا لأشقائنا في المملكة الذين قادوا وساطة سريعة وناجحة كعادتهم عند اختلاف الإخوة، فسهلوا لنا حلولا تحافظ على الجزيرة في أمنها وأمانها، وهنيئا لسقطرى عهد جديد من النماء والتطور، وشكرا لأشقائنا في الإمارات الذين استجابوا لداعي الإخوة والسلام».

المؤامرة كانت واضحة الأهداف ومعلومة الدوافع، وفي مقدمتها إضعاف قوات التحالف، وإشغالها بقضايا جانبية، وصرف نظر اليمنيين عن التقدم السريع الذي تحققه القوات الموالية للشرعية، خلال الفترة الحالية، والنجاح الكبير الذي تم إحرازه على كافة الجبهات، ولا سيما صعدة، معقل زعيم التمرد، والتي تحاصرها قوات الجيش اليمني من أربع جبهات، وباتت على بعد مسافة قليلة من مران، مركز عمليات الانقلابيين.

الآن أصبح واضحا أن هناك عدوا واحدا هو جماعة الحوثيين الانقلابية، وخطرا داهما هو إيران التي تقف وراء كل ما يحدث في أرض اليمن، مهد العروبة، وهدفا أوحد يتفق عليه الجميع ويعملون على تحقيقه، هو إعادة الجماعة المتمردة إلى كهوفها التي كانت تختبئ فيها قبل انقلابها المشؤوم، وهو هدف تشير جميع التطورات إلى قرب تحققه، حتى تعود أرض اليمن عربية إسلامية كما كانت، ويختفي المشروع الفارسي من على أرضها، ويجلس أهل العروبة إلى مائدة واحدة، يحددون فيها مصيرهم كما يشاؤون، دون تحريض من جهة أو وصاية من أحد.

خلاصة ما حدث تؤكد نجاح الدبلوماسية السعودية التي استطاعت في وقت وجيز السيطرة على الوضع، وإرضاء الجميع، ونزع فتيل الأزمة، وتأكيد وقوف الجميع على قلب رجل واحد، وما تحقق يؤكد المكانة الكبيرة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقدرته الفائقة على إيجاد الحلول، والسيطرة على الوضع، والمكانة الكبيرة التي يحظى بها لدى جميع الأطراف. كذلك أثبت التحالف العربي أن أهدافه النبيلة أكبر من كل الخلافات الوقتية، وأن المصالح الخاصة لم يكن لها وجود عند إنشائه، ولن تكون موجودة، حتى يتم تحقيق النصر الكبير.