إحساس مرير لبعدي عن المشاعر هذا العام

تحت وطأة الإحساس بالغربة والشعور بالحرمان أكتب مقالة هذا الأسبوع، والتي تأخرت نوعا ما في إتمامها.. بعدما منّ الله عليّ أعواما عديدة متوالية منذ نعومة أظفاري مساعدا ومساندا لوالدي

تحت وطأة الإحساس بالغربة والشعور بالحرمان أكتب مقالة هذا الأسبوع، والتي تأخرت نوعا ما في إتمامها.. بعدما منّ الله عليّ أعواما عديدة متوالية منذ نعومة أظفاري مساعدا ومساندا لوالدي

الاحد - 27 سبتمبر 2015

Sun - 27 Sep 2015



تحت وطأة الإحساس بالغربة والشعور بالحرمان أكتب مقالة هذا الأسبوع، والتي تأخرت نوعا ما في إتمامها.. بعدما منّ الله عليّ أعواما عديدة متوالية منذ نعومة أظفاري مساعدا ومساندا لوالدي وأسرتي في إدارة شؤون الحجاج من خلال مهنة الطوافة الجليلة، ومهمتها الأمينة وشرفها العظيم، وتوالي نوالي لأحاسيس السعادة المشرفة حتى عندما عملت في نقل الحجاج من وإلى المشاعر المقدسة عبر شركة نقل الحجاج، والتي شعرت أنني من خلالها أسهمت بفضل الله، ثم بدعم المسؤولين عن الحج في كل مجال، في توفير سبل مريحة ومبتكرة لهذه المساهمة التي كان إن شاء الله أجُرها أكبر من ربحها، وهذا ديدنُ كل مشارك في هذا الموسم العظيم حين يكون طلب الأجر والثواب سابقا للربح المادي والكسب المشروع.

وتوالى فضل الله عليّ حين كتب لي تلبية النداء وتقديم الفداء عبر مشاركات تجلت في مواصلة خدمتي وعوني للإخوة والزملاء في الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، والذين تؤم وفودهم الديار المقدسة سنويا لأداء المناسك.. ثم كان فضل الله عليّ عظيما حين أسهمت قناة اقرأ في النقل المباشر لوقائع المؤتمر الإسلامي السنوي الفريد إلى كل بقاع العالم وباللهجات الرئيسة.

ولكني فقدت كل هذه الأحاسيس، وكل هذا الشعور بالمتعة الروحية حين جاء موسم هذا العام والذي قررت فيه دون تردد أن ألبي نداء ولاة الأمر في التخفيف على حجاج بيت الله الحرام، وإيثارهم على أنفسنا.. وجاء الحج هذا العام وأنا أخضع لفحوصات طبية في مدينة برلين الألمانية.

ولأول مرة لم أتذوق حلاوة يوم عرفة التي تضفي على الروح مذاق الإيمان الخالص، الذي لا يعادله مذاق ولا حلاوة.

وللمرة الأولى لم أشعر بالعيد كما اعتدت الشعور به، فالعيد عندي هو «منى» المشعر والشعور، وليس على الأرض مكان يعدلها في صناعة الفرح والغبطة، وهل هناك فرح أعظم من الإحساس بأنك من العتقاء وأنك عدت كيوم ولدتك أمك؟ وهل من فرح أعظم من أن أكون بين جمع يباهي بهم الله ملائكته؟.. كل هذا جعلني أنخرط في بكاء على ما فاتني من خير عميم ونعيم مقيم.. ورحت أدعو الله خاشعا خاضعا أن يكتب لي الحج القادم، مطوفا، أو مع التجار المسلمين، أو إعلاميا يرأس قناة اقرأ.. أو حاجا ضمن ضيوف الرحمن.. المهم ألا يعاودني هذا الإحساس المرير الذي ضيق عليّ الخناق هنا في ألمانيا.. ولن أنسى ـ إن شاء الله ـ أن أحصل على التصريح المناسب عبر كل هذه الحرف والمهن.

ومع كل هذا فلن أنسى أن أحمد الله وأقدم التهنئة لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد، ولكل العاملين المخلصين الذين أسهموا على الرغم من حادثة التدافع التي لم يكن أحد أسبابها كما علمت حتى الآن خللا في الخطط، ولا كللا في الجهد والعمل.. فجاء الحج كالعادة ناجحا بكل المقاييس، مؤكدا أن المملكة العربية السعودية ملكا وشعبا وحكومة ماضية في تقديم المزيد من أجل راحة ضيوف الرحمن.. وما حدث يوم التدافع في منى أمر يحدث في أي مكان تجتمع فيه الألوف، فكيف بالملايين.. إنها إرادة الله التي أبت لمن قضوا في ذلك إلا أن يكونوا من العتقاء والشهداء، ولا أزكي على الله أحدا. ولا شك أن التحقيق الذي أمر به سمو ولي العهد الأمين سيُظهر ويُبين عما قريب المسببات والملابسات التي أدت إلى هذا الحادث الأليم.

ولعل في الأمر الملكي الكريم الذي وجه به خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله.. بإعادة النظر في الخطط والطرق التي تمارس خلال موسم الحج، دليلا جديدا ودائما على مدى الاهتمام والحرص على راحة ضيوف الرحمن، ولكنه ـ يحفظه الله ـ لم ينس كل الجهود المخلصة التي قدمها أبناؤه العسكريون والمدنيون من أجل الحجاج الكرام.. وهو دليل آخر على حسن القيادة والريادة التي يدير بها خادم الحرمين الشريفين شؤون الحج بكل حب وبكل حزم.

بارك الله في كل جهد مخلص.. ووفق الله كل عامل أمين يعمل من أجل هذه المهمة المقدسة على هذه الأرض المقدسة، وحفظ بلادنا من كيد الكائدين وحقد الحاقدين، وأبقاها قبلة وإماما للمسلمين... «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».