مجتمع نجران يتنادى للحوار

الثلاثاء - 08 مايو 2018

Tue - 08 May 2018

كشف اللقاء الذي عقده نادي نجران الأدبي مؤخرا بعنوان «مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. رؤية مستقبلية» عن تلهف مجتمع نجران الذي يمتاز بالتعددية، لاستئناف ما انقطع من عمل المركز، ورغبته في إثراء الواقع الثقافي والاجتماعي، بما يعود خيرا على المجتمع. حيث تدافع أبناء المنطقة ومثقفوها وأدباؤها ومفكروها إلى حضور اللقاء، وأبدوا أبلغ آيات الترحيب برئيس وأعضاء المركز.

اللقاء كان أنموذجا في الحوار الراقي المتحضر، عبر بصدق عن عظمة أبناء هذا الوطن، فكان الحوار هادفا وعميقا، ابتعد فيه المتحدثون عن كلمات المجاملة والتزييف، والتزموا أدب الحوار الذي أقره الدين الحنيف. وضعت القضايا على طاولة البحث والتحليل، وأبدى كل متحدث رأيه، دون تجن أو تجاوز أو إسفاف. ومن الإنصاف القول إن رئيس مجلس إدارة المركز وأمينه العام وأعضاء مجلس الإدارة كانوا مثالا حيا على ما ينبغي أن يكونوا عليه، من سعة صدر واتساع أفق، حيث تولوا الرد على كل الاستفسارات دون ضيق أو تبرم.

الحوار الذي بات أداة رئيسية تسعى من خلالها الدولة إلى إحداث التغيير المجتمعي، هو السبيل الوحيد لمناقشة القضايا الوطنية، ولا سيما في ظل الواقع الجديد الذي تعيشه بلادنا في هذا العصر المزدهر، والذي يسعى فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى تجاوز كثير من المعوقات التي كانت تعترض سبيل الإصلاح، بسبب نظرات ضيقة، وآراء متشددة، ورؤى فردية، ظلت مسيطرة علينا لأكثر من 30 عاما، ولا ينبغي لها السماح بالاستمرار أكثر من ذلك، كما قال سموه.

والحقيقة الأكثر جلاء، والتي تم التأكيد عليها، وأعتقد أنها ستمثل خارطة طريق لعمل المركز خلال الفترة المقبلة تشير إلى أن التنوع والتعدد يعنيان ثراء المجتمع، فالمملكة قامت منذ تأسيسها على يد المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز آل سعود، على معيار أساسي قوامه المواطنة الصالحة، والالتزام بالقوانين والأنظمة المرعية، دون أي اعتبارات أخرى، سواء كانت مذهبية أو مناطقية، فكلنا أبناء المملكة، نحملها في دواخلنا فخرا، ونضعها في حدقات عيوننا وطنا، نقدمه على ما سواه، ونضحي لأجل رفعته وتطوره بالغالي والنفيس.

لذلك فإن أعداء هذه البلاد، من طيور الظلام وأرباب الضلال والفتنة ودعاة الإرهاب، سعوا إلى تصوير الاختلاف على أنه خلاف، فأرادوا فرض سياسة القطيع على الجميع، وحاولوا تنصيب أنفسهم أوصياء على الآخرين، فتعمدوا تحريف معاني القرآن الكريم، ولي أعناق النصوص، واجتزاء الآيات والأحاديث النبوية الشريفة من سياقها، وإنزالها في غير مواضعها، وعندما تصدى لهم أهل العلم وأبانوا خطأهم وزيف دعواهم، ركزوا في أعمالهم الإجرامية على محاولات إحداث فتن طائفية، باستهداف عدد من دور العبادة، لكن التلاحم بين القيادة والشعب، والذي هو أبرز ما يميز هذه البلاد، أبطل ذلك المخطط، عندما وقف الشعب جميعا ضده، وتدافع المواطنون من كل منطقة في المملكة لتأكيد رفضهم له.

مرة أخرى تثبت نجران أرض الأدباء والمفكرين والحضارة العريقة، تقدم إنسانها وعمق تفكيره، وترحيبه بالحوار، ورغبته في دفع حركة التنمية والنهضة بمنطقته، وليس ذلك بغريب على من يرابطون على ثغر من ثغور بلادهم، يدفعون عنها تعديات الحوثيين، ويذودون عن راية التوحيد، ويصدون محاولات من يريدون المساس بأمن بلاد الحرمين، وهذا لن يكون ما دامت في أجسادهم دماء تسري وعروق تنبض بحب وطنهم.