عبدالله المزهر

الأيقونة (KFUPM)

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 25 أبريل 2018

Wed - 25 Apr 2018

بدأت هذه القصة الجميلة في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر عام 1963م، وفي مكان هادئ على سفح تل الظهران، حيث يمكن لأي عابر أن يعد سكان تلك المنطقة دون أن يضطر للتوقف. صدر مرسوم ملكي بإنشاء كلية البترول والمعادن. وفي عام 1971م كانت دفعة الخريجين الأولى المكونة من أربعة طلاب.

كان هؤلاء الأربعة أشبه بنتيجة التنقيب التي كشفت عن مورد عظيم ما زال يتدفق حتى اليوم.

والحديث عن التميز الأكاديمي لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن يبدو حديثا مكرورا، لأنه أمر يبدو محل اتفاق الجميع. والصرامة التي تعرف بها الجامعة ليست في التدريس والمناهج فقط، بل إنها تكاد تكون سلوكا عاما في كل أمورها.

والسر ـ المعلن ـ الذي يكشف سبب تميز الجامعة أكاديميا وبحثيا هو صرامتها في موضوع استقطاب أعضاء هيئة التدريس، فهذا الموضوع تحديدا ليس شيئا قابلا للنقاش. وقد يرفض عضو هيئة تدريس لأن الجامعة التي حصل منها على البكالوريوس لا تنطبق عليها معايير الجامعة الصارمة حتى وإن كان حاصلا على الماجستير والدكتوراه من جامعة مرموقة. وقد يرى البعض في هذا تشددا في غير مكانه، ولكن الجامعة ترى في ذلك أسلوبا من أساليبها المشروعة في الدفاع عن تميزها وجودة مخرجاتها.

وهذا سبب وجود اسم الجامعة ضمن أعلى قائمة الجامعات العالمية في مجال براءات الاختراع والأبحاث، والفارق الجوهري بينها وبين من يحاول أن يصنع اسما مشابها هو أن البحوث والاختراعات التي تسجل بأسماء أساتذة في جامعة الملك فهد تمت وهم على رأس عملهم وبعضهم أمضى في الجامعة أكثر من عقدين.

وجود الجامعة في هذه المكانة كان نتيجة لأسلوب عملها منذ أن كانت كلية صغيرة. كان نتيجة ولم يكن هدفا تركض وراءه بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة. بل إن أكثر ما يعاب على الجامعة هو أن صوتها غير مرتفع، ولا تبدو مهتمة كثيرا بالتواجد الإعلامي.

وبعيدا ـ ليس كثيرا ـ عن المجال الأكاديمي، فإن الجامعة متميزة على المستوى الإداري أيضا، فلا يوجد مشاريع متعثرة ولا متأخرة. واللافت للنظر في الجامعة الولاء والعلاقة والارتباط بين الجامعة وبين منسوبيها، وهو أمر أتمنى أن يستمر وأن تنتقل عدواه لكل جهة وإدارة ووزارة.

حين مرت الطفرة الأخيرة وارتفعت الميزانيات كانت نظرة الجامعة للموضوع واضحة، كانت الفكرة الرئيسية لدى رأس الهرم في الجامعة أنه وكما أتت الطفرة الأولى في الثمانينات وتمت الاستفادة منها وبناء منشآت خدمت الجامعة لثلاثين عاما مضت، فلا بد أن نستفيد من هذه الطفرة الجديدة فيما يخدم الجامعة لثلاثين عاما قادمة، وقد كان، وتمت الاستفادة من الموارد بإبداع وبكفاءة عاليين. وأعزو هذا النجاح الإداري والأكاديمي إلى أن مدير الجامعة هو أحد طلابها ثم أساتذتها ثم مسؤوليها، وكذلك أكثر الفريق الذي يعمل معه، ولذلك كان الولاء وحب المكان هما أكبر الدوافع للإنجاز والتميز والإبداع.

وعلى أي حال..

الحديث عن هذا المكان المحبوب يطول ويتشعب، والعناوين كثيرة، ففي كل زاوية منه قصص نجاح، وقصص تميز، وقصص تحد، وانكسارات ونهوض، لعل في العمر متسعا للحديث عن بعض ذلك.

ثم إني أبارك ـ كثيرا ـ للدفعة التي ستتخرج اليوم، وأرجو أن يكون كل واحد منهم بطلا لقصة نجاح قادمة كما كان كثير ممن سبقوهم، وكما سيكون كثير ممن يلحق بهم.

@agrni