أحمد الهلالي

هل يدسون السم في الورد؟

الثلاثاء - 24 أبريل 2018

Tue - 24 Apr 2018

جاء مهرجان الورد الطائفي عاطرا، وانتهت فعاليات المهرجان، لكن الورد والعطر لم يبرحا الذاكرة، وقد أصبحا أيقونة طائفية مميزة في عالم العطور والجمال، ومن بركات مهرجان هذا العام أن المنظمين صيروا الورد أغنية عاطرة في حناجر الشعراء، ولونا ساحرا في أنامل الفنانين، من خلال المسابقات الرائعة.

الورد محرض على الكتابة، ولا يحتاج الكاتب مبررا للكتابة عنه، فهو المبرر الرئيس، لكن ما دعاني إلى كتابة هذه السطور ليس الورد فقط، بل كلمات سمعتها من أحد صناعيي الورد في الطائف، يعمل على تقطيره بعناية ومحبة، وفي معرض حديثنا في مصنعه، سألته عن المنتجات التجميلية المصاحبة للورد، كالتي كانت تعرض في المهرجان، وفي منافذ بيع المواد التجميلية، ولا أراها في مصنعه.

تحدث الرجل بحرقة عن هذا الأمر تحديدا، وعبرت حرقته خاطري، وخواطر الصحب الكرام الذين كنت بمعيتهم، إذ يحكي عن غياب الكيميائيين الحقيقيين عن صناعة تلك المستحضرات التجميلية كالصابون والشامبو والكريمات المختلفة، وغياب الرقابة واشتراطات جودة التصنيع والصحة العامة عن تلك المنتجات، فهي جميعا من المستحضرات التي تتماس مع الجسم مباشرة، واحتواؤها على مواد رديئة أو أقل جودة سيؤثر على صحة مستخدميها.

وإثر حديثه المتألم، والمتذمر، كانت تعبرني سؤالات شتى، هل ننتظر اكتشاف الأطباء لحالات مرضية تسببها تلك المستحضرات؟ أم يجب أن تتحرك الجهات المعنية لفحصها والتأكد من سلامتها، وسلامة المواد المضافة إليها، سواء المواد الأولية البسيطة، أو المواد المركبة تركيبا كيميائيا، فلا شيء يعدل الصحة، وسلامة المواطنين، والأمر في غاية البساطة والسهولة، ولا يقطع رزق أحد.

وبمناسبة الحديث عن هذا الأمر، فإن محلات العطارة، ومحلات بيع المستحضرات التجميلية، تحتاج إلى غربلة عميقة، وتدقيق في كل ما يعرض للبيع عبر تلك المنافذ، سواء ما يتعلق بالتجميل أو ما يدخل في صناعة الدواء والغذاء، فلا يكفي أن تصدر هيئة الغذاء والدواء منشورات تحذيرية عن كثير من المواد، ولا تكفي مداهمات وزارة التجارة والبلديات لأوكار الغش والتقليد التي تفجؤنا وتفجعنا بها المقاطع المصورة، بل نحتاج إلى تطبيق أنظمة رقابية صارمة، وتطبيق عقوبات رادعة، على كل ما يثبت ضرره بالصحة الخاصة أو العامة، ذلك الضرر المكلف وقتا ومالا وجهدا على المواطن وعلى وزارة الصحة.

ختاما، سيظل ورد الطائف شفاء للأرواح، مغدقا عليها الجمال والراحة والنضارة، محركا للحناجر والأنامل والقلوب، وسنظل عشاقا أوفياء له، آملين ألا يستغل المبتدئون وطالبو الثراء عشقنا له، فيدسوا سموم الكيمياء ـ بجهل أو بلا مبالاة ـ في هذا الكائن السحري اللطيف.

ahmad_helali@