عبدالله المزهر

طاقيتي نجاتي!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 23 أبريل 2018

Mon - 23 Apr 2018

من القضايا التي يحب أن يناقشها بعض السعوديين مسألة «اللباس». واللباس ـ حسبما جاء في معاجم اللغة ـ مأخوذة من لبس يلبس لبسا فهو لابس، والمفعول ملبوس. ويقال: لبس الثوب أي اكتسى به واستتر به، ولبس الناس أي عاش معهم، ويقال: لبس بها زمانا أي تزوجها زمنا، ولبس فلانا على ما فيه أي احتمله وقبله، أما لبس له أذنيه فتعني تغافل عنه ولم يتكلم، ويقال في الأمثال: لبس له جلد النمر، أي كشف له عن عداوته وعامله بوحشية، وكذلك يقال: لبس مسوح الرهبان، أي تظاهر بالبراءة والطيبة.

ويهمنا في هذا المقال من كل هذه المعاني الملبس الذي بمعنى الثياب، والذي يعتقد السعوديون ـ أو كثير منهم ـ أنه شيء يصدره الخياطون ومستوردو الأقمشة من بلاد الهند والسند والفرنجة يشبه «الهوية الوطنية» التي تصدرها الأحوال المدنية، ولذلك عد لبس البنطال والقميص من خوارم الوطنية.

وقد يحدث أن تذهب إلى جهة حكومية مرتديا بدلة أنيقة فيكرشك الموظف كرشا مبرحا، ويطلب منك أن تعود بعد أن ترتدي الثوب السعودي والشماغ وبقية ملحقاته، بينما يستقبل آخر يرتدي بدلة مثل تلك التي طردت بسببها، أو يرتدي من ثياب الأفارقة أو الأفغان فيستقبل ويفسح له في المجلس لأنه ليس سعوديا ويحق له أن يلبس ما يشاء، وهذا من غرائب الأمور وعجائبها، لأن القاعدة في اللباس أن ما يمنع يمنع على الجميع وما يسمح يسمح به للجميع، ولا علاقة للجنسية بالموضوع.

ثم إن مصطلح الزي السعودي مصطلح فضفاض، فالسعودية قارة فيها اختلاف وتنوع في العادات والملابس، وحين يطلب من القطاع الخاص ـ على سبيل المثال ـ أن يلتزم الموظف بالزي السعودي، فهل يعني هذا أنه سيكون مسموحا للموظف السعودي الذي أتى من منطقة تعد فيها «الوزرة» هي لباسه التقليدي الذي هو دليل تمسكه بعاداته وأصالته، أن يرتدي زيه التقليدي ويتوشح خنجره الذي يعد مكملا أساسيا للباس؟

ثم إن اللباس شيء متغير، وأظن أنه من الأجدى ـ ولكل رأيه ـ أن تكون التعاميم والتشريعات المتعلقة باللباس تطالب فقط بأن يكون الملبس «لائقا ومحترما»، أما الدخول في تفاصيل ما يرتديه الناس فإن هذا ـ بالنسبة لي على الأقل ـ أمر غير مستساغ.

وما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء أيضا، لا أظن أنه مطلوب من الكائنات البشرية بأنواعها أكثر من لباس لائق يحترم الذوق العام.

وعلى أي حال..

أنا أحب الثوب والشماغ وأرتديهما لأنهما يستران ما لا أريد له أن ينكشف، لكن كثيرا من المهن لها لباس خاص بها، فالعسكري ـ على سبيل المثال ـ الذي يرتدي «البنطال» لا ينقص من قدره شيء، وأظن أن موظفا في شركة أو قطاع خاص ـ أو حتى في القطاع العام ـ لن يعكر الصفو العام وطمأنينة المجتمع إن لم يلبس ثوبا وشماغا وعقالا ـ وطاقية بالطبع، ولذلك لا أجد بأسا إن لبس شيئا يشبه ما يلبسه طوني رئيسه في العمل ـ غالبا.

@agrni