وليد الصمعاني.. مهندس تحول القضاء

محاكم ذكية تعيد الحقوق بكفاءة عالية ودون إهدار المزيد من الوقت والورق
محاكم ذكية تعيد الحقوق بكفاءة عالية ودون إهدار المزيد من الوقت والورق

السبت - 21 أبريل 2018

Sat - 21 Apr 2018

إلى عهد قريب كانت صورة «القضاء» في ذهنية عدد من السعوديين مثالا للبيروقراطية وتأخر المواعيد والإجراءات والتجهم وفرض القيود على المرأة، لكن المرحلة التي أعقبت رؤية السعودية 2030 ازداد فيها القطاع قربا من «المستفيدين»، بل يبحث عن رضاهم ويدعوهم إلى تقييم الموظفين وكتاب العدل والقضاة، في ثورة ناعمة صامتة، قادها الوزير الشاب الدكتور وليد الصمعاني، غير أن روحها لم تلبث أن شاعت في جسد القطاع القضائي والعدلي بأسره تحت عناوين عريضة «القضاء المؤسسي والقضاء المتخصص وهندسية الإجراءات والتحول الرقمي»، فكانت النتيجة ميلاد (محاكم رقمية) للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

إنها إحدى السمات الإصلاحية التي يمكن التعرف من خلالها على شخصية الوزير صاحب الدكتوراه في القانون المقارن مع مرتبة الشرف، الذي عمل خلال نحو 14 عاما معيدا جامعيا وقاضيا ومستشارا قانونيا ورئيسا لدوائر قضائية، فضلا عن أنه ظل لسنوات كأحد الأسماء التي عملت كثيرا على مراجعة أنظمة القضاء وتقييم آلياته، وهو الأمر الذي بدا كتطور منطقي في مسيرة باحث قانوني لم يكتف المعهد العالي للقضاء بالتوصية بطباعة رسالته عن (السلطة التقديرية للقاضي الإداري)، بل طالب كذلك بتداولها في الجامعات والجهات القضائية الداخلية والخارجية.

عبر هذا التحول، من مسيرة مهنية تطور نفسها من خلال قطاع معين، إلى مسيرة تعمل على تطوير مهنية القطاع نفسه، أصبح الدكتور الصمعاني الرجل الذي عهدت إليه الدولة بحقيبة القضاء في وقت أصبح من المهم فيه العمل على تحول مؤسسي يعيد إنتاج الطريقة التي يعمل بها هذا

القطاع، حينها تحدث الوزير الجديد مؤكدا على الاستقلالية وثبات المرجعية في النظام العدلي في المملكة، والتي ستكون المنطلق لمرحلة جديدة وصف ملامحها بأنها (إعادة هندسة لإجراءات القضاء).

لا يمكن رفع الكفاءة دون تحديد التحديات التي كان في مقدمتها صورة نمطية عن قطاع كان يبدو كحاكم مطلق لا يمكن الحكم عليه، ليتبنى الوزير فكرة أنه قطاع قابل للتقييم والتقويم بناء على الأسس العلمية والمهنية مع إتاحة المجال لمشورة المختصين ورأي المستفيدين على السواء، ولم يمض وقت طويل حتى أعلنت الوزارة عن منظومة شملت تطوير الخدمات الذكية وتحسين أداء التوثيق العدلي، وتفعيل وسائل تحقيق العدالة الناجزة، مع امتلاك المؤشرات التي تضمن إتمام هذه الأهداف، في خطوات بلغت ذروتها أخيرا بكشف النقاب عن محاكم رقمية بنحو شبه كامل للمرة الأولى في تاريخ المملكة والمنطقة.

كانت الأولوية واضحة فيما يخص اختصار المسافة الزمنية بين النطق بالحكم وتحوله إلى أمر واقع، ومن هنا بدأ الصمعاني - الذي يصف قضاء التنفيذ بأنه (ثمرة القضاء)- في تسخير كل الإمكانات مع فريق عمله من أجل إنهاء حقبة القضايا المؤجلة إلى الأبد، فضلا عن التعامل مع قرابة نصف مليون قضية جديدة سنويا، لقد كانت مهمة الوزير هنا أن يتصرف عمليا لتنفيذ إيمان القيادة بأن منح الحقوق لأهلها أمر واجب الحدوث على الفور، وأن سرعة إنهاء القضايا ليست نقيضا أبدا لدقة الحكم فيها.

وبالفعل، فقد تم في أقل من 3 سنوات تحقيق أكبر عملية تحول الكتروني في المنظومة العدلية شملت 80 مشروعا تطويريا وأكثر من 62 خدمة الكترونية، فيما كانت مبادرات نوعية مثل (محكمة بلا ورق) و(التحقق الالكتروني) و(السداد الالكتروني) وراء تقليص فترة تنفيذ الأحكام من أشهر عدة إلى 72 ساعة من إصدار الأمر التنفيذي، لتصبح وزارة العدل واحدة من أبرز نماذج تطبيق الخدمات الحكومية الالكترونية على مستوى المنطقة، محققة بذلك جوائز عالمية لم تتعارض مع الجائزة الأهم وهي كفاءة إعطاء كل ذي حق حقه.

لقد كان الصمعاني على رأس الهرم الذي وضع وزارة العدل على موقعها الفاعل في مسار رؤية 2030 كجهة معنية بإيجاد البيئة التشريعية والقانونية لتحقيق أكبر عملية تحول اقتصادية في المملكة، فضلا عن تعزيز دور الوزارة المركزي في استعادة المال العام ومساءلة الفساد وحماية المصالح الوطنية، دون أن ينفصل ذلك عن حضورها القوي في أوساط الجهات القضائية العالمية والمنظمات الدولية التي أدركت استقلالية القضاء السعودي، وأن أي تشكيك في ذلك هو أمر لا علاقة له بمهنية القضاء التي تثبتها وزارة العدل بمؤشرات واضحة معلنة ليس لديها ما تخفيه.

ومع هذا وذاك لا يزال الوزير الصمعاني محتفظا بإرثه القضائي والشرعي بوصفه مختصا في الفقه المقارن، ففي مناسبات مثل معرض الكتاب، كان لافتا أن الوزير الباحث لم يشأ أن تأخذ زيارته للمعرض طابعا بروتوكوليا بحتا يتقيد بوقت محدود وخط سير محدد، وإنما تجول بين دور النشر، متسائلا حينا عن عناوين معينة أو جالسا حينا لقراءة محتويات كتاب معين قبل أن يخرج وقد اقتنى مجموعة من الكتب الشرعية والقانونية، منهيا زيارة ظلت حديث المنظمين، وأن هموم المسؤولية الإدارية لم تنس الرجل الوفاء لاختصاصه وجديده وأبحاثه.

على جانب آخر، وفيما يقود الدكتور الصمعاني الدور العدلي في مواجهة الإرهاب فهو ينفذ الوجه العملي لمقالته البحثية الشهيرة (إسلام لا يعرفه المسلمون)، والتي ضمنها مقاربة شرعية وموضوعية جامعة استشهد فيها بأكثر من 25 نصا من الكتاب والسنة، بجانب مقولات لعلماء الأمة، وقد قال فيها «لا أخسر من دعي مفسد، ولا أشقى من غر طائش: استحل دماء المسلمين حتى اشتفى منا كل كافر حاقد، وشمت بنا كل عدو حاسد، فتراهم لا يأبهون بإزهاق أرواحهم ولا يتورعون عن انتهاك حرمات الله ولا يعظمون شعائر الله، ويتقصدون – مخذولين- أحرص البلاد على تطبيق شرع الله والعناية بشعائر الإسلام والسعي في مصالح المسلمين».

أبرز التحولات في وزارة العدل خلال السنوات الثلاث الأخيرة

1 اعتماد 27 مشروعا لتطوير المحاكم وتصاعد في الأحكام الصادرة

2 إطلاق 22 مبادرة للتطوير في قضاء التنفيذ

3 استعادة محاكم التنفيذ لما يزيد على 444 مليار ريال

4 تطبيق مشروع محكمة بلا ورق، واختصار الإجراءات بنسبة 70 %

5 افتتاح 3 محاكم تجارية، ودوائر تجارية متخصصة، ودوائر استئناف

6 تنفيذ كتابات العدل لـ8 ملايين عملية توثيقية خلال السنوات الثلاث الماضية

7 تقليص مدة الإجراءات في كتابات العدل من 60 يوما إلى يوم واحد

8 إلغاء صكوك مساحتها 600 مليون متر مربع استخرجت بطرق غير نظامية

9 إعادة حقوق المتضررين من 86 مساهمة متعثرة

10 إطلاق 24 مبادرة لدعم التحول الرقمي

11 إطلاق بوابة »ناجز« الالكترونية للتواصل الموحد والفعال

12 إطلاق مبادرة قيم لتعزيز رضا المستفيدين في المحاكم

13 فتح 5 مجالات لعمل المرأة في الوزارة للمرة الأولى

14 تحقيق المملكة إنجازات دولية عدة للتنافسية العالمية

15 تدشين البوابة الالكترونية لمركز ذكاء الأعمال

16 الموافقة على مشروع تنظيم صندوق النفقة ودعم الفئات المحتاجة

17 إطلاق دبلوم المحاماة ومنح التراخيص للمتدربين

18 منح الترخيص للمرأة كموثقة للمرة الأولى في تاريخ العدل

19 تعزيز ودعم التحول الرقمي لمحاكم التنفيذ