برنامج التوطين والتمكين بمنطقة مكة المكرمة.. المزايا والفرص

السبت - 21 أبريل 2018

Sat - 21 Apr 2018

في خطوة ترمي لزيادة نسب التوطين والتمكين المنتج والمستخدم في سوق العمل بالمملكة، أصدرت وزارة العمل بالتنسيق مع وزارة الداخلية ممثلة في إمارات المناطق وثيقة برنامج التوطين والتمكين، وأخذت حيز التنفيذ مع بداية العام الحالي، وجاء إقرارها كما أوضحت الوثيقة ذاتها دعما للعمل المشترك والتنسيق بين الجهتين لمتابعة وتنفيذ قرارات توطين الأنشطة في سوق العمل وتفعيل جهود العمل في مناطق المملكة، متيحة لإمارات المناطق مساحة كبيرة للقيام بتلك الأدوار من خلال تكوين اللجان التي يرأس لجنتها الإشرافية أمير المنطقة بجانب اللجان التنفيذية واللجان التفتيشية وبما حدد لها من مهام ومسؤوليات.

ومنطقة مكة المكرمة كغيرها من مناطق المملكة تسعى جاهدة لتنفيذ سياسات الدولة وتحقيق أهداف التنمية وتطوير الموارد البشرية والمادية بها متبنية شعار (بناء الإنسان وتنمية المكان) الذي أطلقه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل كعنوان لاستراتيجية المنطقة التي تعد خطوة مبكرة للدلوف إلى المستقبل، متمشية وبكل انسجام مع رؤية المملكة 2030 لعاملهما المشترك المنبثقتان منه وهو (الإنسان السعودي)، فكان شباب المنطقة محط الاهتمام عبر تشجيع وتحفيز القطاع الخاص لاستقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة والقادرة على العمل وفتح قنوات التوظيف بصيغها المختلفة، سواء عبر أيام المهنة التي تقيمها الجهات التعليمية أو لقاءات التوظيف التي تنشئها الغرف التجارية بالمنطقة - مع ما تفتقده تلك الجهود مشكورة من المعيارية والتكامل وقياس مدى تحقق أهدافها- وتجيء وثيقة التوطين والتمكين لتضيف زخما من الاهتمام مع قدر ملائم من التنظيم، والسؤال الذي يتبادر للذهن: كيف يمكن أن يستفاد من وثيقة برنامج التوطين والتمكين في وضع آلية عمل تحقق غاية الوثيقة؟

لعل أولى خطوات ترجمة مضامين تلك الوثيقة تكمن في تحديد المزايا والفرص لتعطي بعدا آخر في قراءة بيئة العمل بالمنطقة ومواءمتها مع معطيات ونتاج تحليل البيانات الأساسية لسوق العمل التي تهيئ أرضية صلبة تعبر خلالها قرارات التوطين بشكل متسلسل وواقعي يضمن كفاءتها وفعاليتها.

المنطقة تتمتع بعوامل تشكل في مجملها فرصا ومزايا تضمن بعد توفيق الله النجاح للبرنامج، فعلى مستوى خارطة معدلات البطالة تكشف لنا بيانات سوق العمل الصادرة عن هيئة الإحصاء العامة للربع الأول والثاني والثالث عن انخفاض معدل البطالة في منطقة مكة المكرمة مقارنة بمعدله العام بالمملكة بنسب تتراوح بين 10.1% و10.5%، حيث بلغ عدد العاطلين في الربع الثالث 78241 عاطلا من إجمالي العاطلين بالمملكة البالغ عددهم 745148 عاطلا وبزيادة تقدر بـ 2335 عاطلا، وهي إحصائية تبعث على التفاؤل عند مقارنتها بحجم قوة العمل بالمنطقة المقدرة بـ 606768 عاملا.

وبمنظور القطاعات المشغلة تصدر الموقف القطاع الخاص مدللا على صدق مراهنة الدولة والمجتمع على قيادته قاطرة النمو والتنمية بالمملكة، فقد أسهم في تشغيل 69% من إجمالي العاملين السعوديين بالمنطقة، لتحل منطقة مكة المكرمة في المرتبة الثانية من حيث إجمالي عدد العاملين في القطاع الخاص بعد منطقة الرياض بنسبة 23%، ومع ذلك فالفرصة مواتية لرفع نسبة السعودة في هذا القطاع، فمع ارتفاع معدل نموه لا تزال نسبة مساهمته في التوطين دون المؤمل، حيث لم تتجاوز 18% حتى 2017 في الوقت الذي يبلغ فيه عدد العاملين غير السعوديين 1881473 عاملا وبنسبة 82% في مختلف المهن والمجالات، وتشير الإحصاءات إلى صدور ما يزيد على 60000 تأشيرة لها من بينها وظائف «مشرعون ومديرو الأعمال واختصاصيون في المجالات العلمية والأساسية والفنيون والمهن الكتابية والعمليات الصناعية والكيميائية والهندسية الأساسية»، لتكون فرصة لتسكين شباب الوطن عليها.

هذا في جانب التوطين، أما في جانب التمكين المعني بتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فقد أولته رؤية المملكة قدرا عاليا من الأهمية ووجهت له نظر الشباب عبر محفزات التمكين وتنمية القطاع الكامنة في مبادرات وزارة التجارة والاستثمار، ومن أبرزها دعم ريادة الأعمال وتنمية مهارات الشباب، وقبل ذلك توفر مرجعية مؤسسية تتمثل في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)، علاوة على أن فرص نمو هذا القطاع غير محدودة مع توفر قاعدة عريضة من مؤسسات التمويل، إلى جانب ما وهب الله هذه المنطقة من شرف وجود بيته الحرام وخدمة ضيوفه من الحجاج والمعتمرين فهي ميزة لا تدانيها ميزة.

فإقرار وثيقة برنامج التوطين والتمكين ليس مجرد مرحلة تنسيقية، بل بداية وأساس التخطيط الشمولي المبني على المزايا والفرص لإنجاح برامجها بعد توفيق الله ثم بوجود حكومة محلية رائدة في دعم الشباب والسعي بجد لتلبية طموحاته.