حنان المرحبي

صناعة الناقلات البحرية ومستقبلها دوليا ومحليا

الجمعة - 20 أبريل 2018

Fri - 20 Apr 2018

كانت التجارة الدولية ولا تزال واحدا من أهم عوامل اندماج الاقتصادات، وتطور وسائل النقل حجما وكفاءة يأتي متزامنا مع نموها. ناقلات البضائع البحرية هي الخيار الأمثل للنقل التجاري من حيث حجم الطاقة الاستيعابية للبضائع وطول المسافات. وقد أدرك التجار القدماء هذه الميزة للنقل البحري مقارنة بالنقل البري، ولكن ظلت هناك مشكلة تعوق تقدم هذه الصناعة. في الماضي كانت عملية رفع وإنزال البضائع من وإلى الناقلة البحرية تتم من خلال الأيدي البشرية بعد أن تقوم بفرزها ووضعها في براميل صغيرة وأكياس، لهذا كانت المدة التي تستغرقها الناقلة البحرية في الميناء أطول من مدة الإبحار. ظلت تلك المشكلة معوقا رئيسيا لنمو أحجام الناقلات حتى ابتكر التاجر الأمريكي مالكوم ماكلين فكرة صناديق أو حاويات الشحن المعيارية (containers) والتي يتم رفعها إلى الناقلة بالرافعات، ثم إنزالها على الشاحنات وقطارات الشحن لتكمل سيرها البري مباشرة من الميناء إلى المخازن والمصانع، في حين تبقى البضائع داخل الحاوية (لا حاجة لعمالة لتقوم بتحميلها أو تفريغها وتوزيعها في الميناء). خلقت هذه الفكرة ثورة في الصناعة حين ساهمت في تسريع إنجاز المهام وتخفيض تكاليفها بنسبة 70% على الأقل، وتمكين المصنعين من زيادة الطاقة الاستيعابية للناقلات، لتظهر الموديلات الضخمة أمثال الناقلة الصينية COSCO shipping.

تنقسم صناعة الناقلات البحرية إلى ثلاث أسواق فرعية (خدمات): نقل السوائل كالنفط، نقل المواد الصلبة كالمعادن، نقل صناديق أو حاويات الشحن. يمكن للناقلة أن تحمل ما يقارب عشرة آلاف حاوية شحن بمقاس 40 قدما. ولنتخيل حجم الطاقة الاستيعابية لحاوية الشحن مقاس 40 قدما، يمكن أن تنقل الواحدة منها 16 ثلاجة كبيرة، أو 20,000 قطعة من عرائس الأطفال، أو 6,600 قطعة ملبوسات بالعلاقات، أو 500 شاشة كمبيوتر. أما عن تكلفة الشحن، فنقل دراجة واحدة من تايلاند إلى بريطانيا يكلف 10 دولارات أمريكية، وكيلوجرام قهوة يكلف 0.15 دولار، وقارورة بيرا 0.01 دولار، أيضا يمكن للحاوية نقل 10,000 جهاز ايباد من الصين إلى أوروبا الإسكندنافية بتكلفة 0.05 دولار للجهاز.

اليوم حوالي 90% من البضائع المصنعة منقولة عبر المحيطات إلى جميع دول العالم، وقد بلغت قيمة البضائع التي نقلت على متن الناقلات البحرية في العام المنصرم أكثر من 4 تريليونات دولار أمريكي، لتصبح هذه الصناعة شريان الحياة للتجارة الدولية اليوم. وآخر تطورات الصناعة كان في نقل الأطعمة المبردة والفواكه والخضراوات برحلات تصل مدتها إلى 50 يوما، وذلك حين تم تطوير طرق تغليف وحاويات أشبه بالترامس تحفظها طازجة طول الرحلة ودون استخدام برادات كهربائية.

مستقبل الصناعة إلى أين وكيف يمكن للمملكة أن تلعب أدوارا حيوية فيها؟ إن زيادة أعداد وأحجام الناقلات البحرية حول العالم من الممكن ألا تصب في مصلحة الصناعة حين تؤدي إلى انخفاض أسعار الخدمة نتيجة لحدوث فائض في العرض. ولكن من الممكن أن تقدم التكنولوجيا حلولا تسهم في تحسين سرعة إنجاز أو نقل الحاويات عبر خطوط نقل مباشرة وآلية القيادة بين الميناء والمصانع أو المخازن ليتم الاستغناء عن خدمات القطارات والشاحنات. يعد الموقع الجغرافي للمملكة استراتيجيا لهذه الصناعة دوليا وإقليميا، ويجعلها نقطة حيوية يمكن استثمارها في بناء شبكات خطوط برية إقليمية عالية الكفاءة والتقنية، تسهم في ربط الشرق الأوسط وتغطية احتياجاته من إمدادات الغذاء والبضائع الدولية المارة بالبحر الأحمر من وإلى الشرق الآسيوي والغرب.