حي الشهداء أرض معركة فخ التاريخية

يقع حي الشهداء شمال مكة المكرمة، تحده الثنية البيضاء وهي ريع ضيق، يلقاه القادم إلى مكة من الشمال بعد أعلام الحرم مباشرة، ويسميها أهل الإبل بالمدرج. تم استصلاحه قديما على هيئة مصاطب متدرجة ليسهل مهمة انحدار الإبل، ومن الجنوب وادي الزاهر، أما الشرق فالمنطقة الصناعية عند مفارقة شارع الحج، والغرب جبال الشهيد. ويعد مسجد السيدة عائشة، رضي الله عنها، أقرب معلم تاريخي له.

يقع حي الشهداء شمال مكة المكرمة، تحده الثنية البيضاء وهي ريع ضيق، يلقاه القادم إلى مكة من الشمال بعد أعلام الحرم مباشرة، ويسميها أهل الإبل بالمدرج. تم استصلاحه قديما على هيئة مصاطب متدرجة ليسهل مهمة انحدار الإبل، ومن الجنوب وادي الزاهر، أما الشرق فالمنطقة الصناعية عند مفارقة شارع الحج، والغرب جبال الشهيد. ويعد مسجد السيدة عائشة، رضي الله عنها، أقرب معلم تاريخي له.

الخميس - 09 أبريل 2015

Thu - 09 Apr 2015



يقع حي الشهداء شمال مكة المكرمة، تحده الثنية البيضاء وهي ريع ضيق، يلقاه القادم إلى مكة من الشمال بعد أعلام الحرم مباشرة، ويسميها أهل الإبل بالمدرج. تم استصلاحه قديما على هيئة مصاطب متدرجة ليسهل مهمة انحدار الإبل، ومن الجنوب وادي الزاهر، أما الشرق فالمنطقة الصناعية عند مفارقة شارع الحج، والغرب جبال الشهيد. ويعد مسجد السيدة عائشة، رضي الله عنها، أقرب معلم تاريخي له.



معركة فخ



وفي هذا الحي وقعت معركة فخ الشهيرة عام 169هـ ، وسببها رفض جماعة من الطالبيين ولاية الخليفة العباسي موسى الهادي، وتمكنوا من حشد بعض المؤيدين وكان يقودهم الحسين علي الحسن ابن علي بن أبي طالب، حيث استجمعوا قواهم من خلال بعض المنضوين تحت دعوتهم، فحاولوا إقناع الناس من خلال منهجهم المعادي لبني العباس للوقوف معهم.

يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان «ولقيته جيوش ابن العباس وعليهم العباس بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وغيره فالتقوا يوم التروية سنة 169هـ فبذلوا الأمان له، فقال الأمان أريد فيقال إن مباركا التركي رشقه بسهم فمات وحمل رأسه إلى الهادي وقتلوا جماعة من عسكره وأهل بيته».

وتعتبر من أقوى المعارك التي شهدتها مكة المكرمة حتى وإن بدت غير متكافئة، بين جماعة بسيطة في مواجهة جيش قوي ونظامي قوامه أربعة آلاف رجل، وعلى سفح الجبل تقع هناك مقبرة رئيسة مسورة تبلغ مساحتها نحو 150م2.

لا شك أنها تضم رفات هؤلاء الشهداء الذين قتلوا في هذه المعركة، ومنه اكتسب هذا الحي مسماه، ولكن لا نعلم متى ظهرت هذه التسمية، فالحموي لم يذكرها بهذا الاسم، ولعلها جاءت متأخرة بعد زمن الحموي المتوفى 626هـ.

ونجد المؤرخ أباالحسن المسعودي في كتابه مروج الذهب يفصل كثيرا في سير المعركة، ويقدم مجموعة من الأسماء من الطرفين.

يضم الحي مقبرتين تخصان هؤلاء الشهداء يفصل بينهما شارع.

وشأن هذه المعركة هي التي دفعت أحمد بن سهل الرازي لتأليف كتابه أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله وأخيه إدريس بن عبدالله، وحققه اليوم الدكتور ماهر جرار وصدر عن دار الغرب الإسلامي 1995، وهو من الكتب المهمة في دراسة المذاهب السياسية مطلع القرن الرابع.

وقد ذكر الحموي أن قبر عبدالله بن عمر هناك وهذا بعيد عن الأصل، فقبر ابن عمر في ريع أذاخر ولا يوجد خلاف ذو شأن حول قبره، فهو لم يزر مكة المكرمة.

وقد خف ذكر هذا الوادي في القرون المتأخرة، ولم يكن له ذاك الحضور القوي حتى العصر العثماني، عندما أصبح متنزها مكيا.

وما نلمسه من دور وقصور عليها الوسم العثماني يثبت مكانته في هذا العصر، وعمارته أوضح دليل على ما كان عليه الوادي إبان هذا العصر.

ومن أشهرها قصر أحمد عزت باشا، وذكر مؤرخ مكة أحمد السباعي أن المكيين «كانوا يخترعون المناسبات والأعياد ليخرجوا في مواكبهم إلى الجعرانة أو وادي ميمونة أو وادي فاطمة أو وادي الشهداء، في زينة بادية وأنواع من الأطعمة الشهية فيقيمون حفلاتهم» ومثل هذه المناسبات لم تكن دائمة في ذلك الوقت، إذا سرعان ما تتغير الأحوال بفعل النزاعات.

ذكره المستشرق الهولندي سنوك خورنيه في كتابه صفحات من تاريخ مكة «ولا يزال هذا المكان يحظى بعناية خاصة لدى المكيين، ويسمى في الوقت الحاضر الشهداء.

ويذهب أهل مكة في فصل الصيف لقضاء أوقاتهم في هذا المكان، دون أن يعرفوا سبب هذه التسمية، التي يقتصر معرفتها على المثقفين فقط» وهو يعني المنطقة الواقعة حول ميدان الشهداء اليوم وليس عموم الزاهر.

أما سبب التسمية فتعود لمعركة فخ وفق ما أثبتناه، ومن الغريب أن هذا الوادي كان يسمى في السبعينات الهجرية بالطائف الصغير نظرا للطافة جوه.





أهم المعالم التاريخية بوادي الشهداء:



حائط فخ:



من أهم المواقع الأثرية ولكن لم تحفظه لنا الأيام، ويبدو أنه كان من المعالم المهمة التي رسخت في أذهان المؤرخين كالفاكهي والأزرقي وغيرهما.

يقول الفاكهي في أخبار مكة عند حديثه عن الحوائط «ومنها حائط فخ ولم يزل قائما إلى 246هـ، فقدم الصائغ إسحاق بن سلمة فقطع شجره، وجعل له فلجا يذهب إلى بركة جعلها ناحية الحصحاص، وذلك أن أهل مكة ضاقوا من الماء فأبطل الحائط، ولم ينتفع الناس بشيء من مائه وقد كان الناس ينتفعون به ويستنفعون فيه، وموضعه قديم معروف المكان ويشربه مارة الطريق، وقد عُمر اليوم هذا الحائط، ورُد موضعه، وصرفت عينه إلى الحائط كما كانت».

وبتتبع لآثار هذا الحائط كما ذكرها كثير من المؤرخين المكيين ولا نعرف موطنها بالضبط، ولكنها كانت ذات شأن عظيم سقت حائط فخ الشهير، ويرجح أنها طمرت في خضم التوسع العمراني الهائل، ولعله يقع شرق ميدان الشهداء، نظرا لوجود آبار هناك، كما أن تربتها الزراعية جيدة نتيجة لترسب الطمي المجلوب من مياه الوادي، وهي اليوم محاطة بجدران اسمنتية ويصعب التحقق منها.



جبل البرود «جبل الشهيد»:



وهو الجبل الواقع غرب الشهداء ويمتد حتى يصل الزاهر، وعلى سفحه وقعت المعركة المشار إليها واكتسب منها اسمه «الشهيد»، وجاءت تسميته بالشهيد نسبة إلى الشهيد الحسين بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم.



الثنية البيضاء:



وهي الثنية التي تواجه القادم إلى مكة المكرمة وتقع بعد وادي التنعيم مباشرة، وينحدر منه القادم مباشرة إلى الشهداء، وظلت ثنية ثم استصلحت بوضع مدرج يسهل مهمة المنحدرين بإبلهم.



جبل المقلع «البكاء»:



قال المؤرخ تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام «وهو معروف بطريق العمرة»، وقول الفاكهي «والمقلع الجبل الذي بأسفل الحصحاص، بين يديه حجارة كثيرة، يقال إنه بكى على النبي، صلى الله عليه وسلم، حين هاجر إلى المدينة، ويسميه أهل مكة اليوم الجبل البكاء»، والجبال غير معروفة بالضبط اليوم، ولم نسمع الناس تسميه بهذا الاسم، ولعله كان شائعا زمن تقي الدين الفاسي، أي مطلع القرن التاسع، ثم انقطعت هذه التسمية، ولكن من المؤكد أنه ضمن الجبال الواقعة في طريق العمرة يمنة أو يسرة، أما قصة بكائه، كما ذكر الفاكهي، فلم تثبت صحتها ولم نعثر لها على سند يقويها.