أحمد الهلالي

سياقات صناعة التفاؤل برؤية 2030

الثلاثاء - 10 أبريل 2018

Tue - 10 Apr 2018

أقرب معاني التفاؤل: أن ترى شعاع الزمن الآتي، حتى يلامس الضياء دواخلك، ويحرك جوارحك للسعي البهيج إلى اللحظة المنتظرة، وهذا ما ألمسه حاليا في ذاتي ولدى كثير ممن أتحدث معهم، وفي الكثير مما نقرأ في وسائل التواصل الاجتماعي، فالتفاؤل غالب على حالات التوجس التي نسمعها أو نقرؤها هنا وهناك عن مستقبل بلادنا.

القراءة ـ الصحيحة ـ للحالة السعودية اليوم ترى ارتفاع مؤشر التفاؤل في رؤية 2030 الآتي من سياقات مهمة جدا سبقت إطلاق الرؤية، وسياقات صاحبت إطلاقها، وسياقات عملية تحرك عجلتها إلى الأمام، وكل هذه السياقات تصب في زيادة فضاءات التفاؤل وأفواج المؤمنين بمشروع الرؤية العملاق الطموح.

أهم السياقات التي سبقت إطلاق الرؤية تأتي من الحديث عن مخاوف (نضوب النفط) وبحث العالم الدؤوب عن بدائل عنه، وكذلك إرهاصات الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم، ثم هبوط أسعار النفط المفاجئ الذي حرك عجلة التحليل الاقتصادي نحو الاتجاه السالب، فانكمشت فضاءات التفاؤل بعد اتساعها في عهد بناء المدن الصناعية والاقتصادية والإغداق على المشاريع التنموية في مختلف أرجاء الوطن، وفي ظل ضبابية المرحلة أشرقت شمس الرؤية لتطمئن الناس بأن العقل السعودي يعمل في صالح صناعة حلول مستقبل الوطن، بعيدا عن مؤشرات النفط.

أما السياقات المصاحبة للرؤية فأراها تأتي أولا من حماسة مهندس الرؤية وجرأته في طرحها بثقة عبر كل القنوات المتاحة، فقد صنع لرؤيته جناحين مهمين، الأول: الشفافية التنظيرية في الاعتراف بالمشاكل على اختلافها، والثاني: الخطوات العملية الجادة التي تحرك عجلة الرؤية على المسارات المرسومة، والأهم من ذلك مراجعة كل خطوة تنظيرية، فكل هذه العوامل تضافرت لتخلق مساحات جديدة للثقة بالرؤية، فإعادة البدلات للموظفين، والتأني في تنفيذ بعض الرؤى في سياق الرؤية مثل طرح تأجيل اكتتاب 5% من شركة أرامكو في الأسواق العالمية، يؤكدان أن العمل يتم على أسس علمية واستقرائية جيدة للمرحلة.

وتعد الجرأة من السياقات العملية المصاحبة للرؤية، والتي طال انتظارنا لها في حل المعضلات المؤرقة، لعل أولها ضربة الفساد التي لفتت العالم بأكمله إلى الإجراءات المتخذة بحق شخصيات فاسدة كان المرء يخفض صوته عند الحديث عنها، ثم شجاعة الرؤية في مواجهة التيارات الدينية سواء الحركية، أو أحادية الرؤية التي تقمع باسم الدين كل صوت لا ينسجم مع توجهها، وتقف جدارا أعمى ضد كل خطوة تصحيحية للوطن، ثم سياق السياسة الخارجية الجريئة أيضا في التعاطي مع الملفات الساخنة والشائكة في المنطقة، وعلى رأسها التصدي للمشروع الإيراني الإرهابي، على ثلاثة محاور: ضرب الأذرع الإيرانية في المنطقة وإضعافها، ثم التقارب مع الدول العربية التي هيمنت عليها إيران، ثم النشاط السياسي لعزل إيران عالميا وتأديب نظامها، وكذلك جاءت صناعة قوة التحالف الإسلامي، والمشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش، والسعي الجاد في محاربة الإرهاب عبر معاقبة الأفراد والكيانات والتنظيمات والدول التي لها أنشطة داعمة للإرهاب مثل النظام القطري.

التفاؤل بهذه الرؤية العملاقة الطموحة، وبسياسات حكومتنا الفتية، لا حدود له اليوم، ومن الطبيعي أن نسمع أصواتا متوجسة لاعتبارات عدة، يأتي بعضها من تضرر المصالح الشخصية لبعض المتوجسين، وبعضها من تجذر الأفكار المغروسة في الأدمغة التي تنظر إلى التغيير والتحول بمنظار قاتم، وبعضها من جزئية النظرة إلى الرؤية واستعجال نتائجها، خاصة من فئة أصحاب التفكير الآني الذين لا يكون الزمن لاعبا أساسيا في حساباتهم، ولن أتحدث عن المتوجسين الإمعات لأصوات مؤدلجة معادية لكل شأن من شؤون وطننا الحبيب.

ahmad_helali@