الملاك وعالم الجاسوسية

الاثنين - 09 أبريل 2018

Mon - 09 Apr 2018

عالم الجواسيس عالم غريب ومريب، ولكن الأغرب من الخيانة بحد ذاتها أنه هل من الممكن أن نعتقد بأن أيا من هؤلاء الجواسيس والخونة عبر العالم قد اتسموا بالشجاعة المفرطة التي تجعلهم يقدمون على خيانة وطنهم؟

الأفلام والمسلسلات المصرية أجادت في اختيار القصص التي تنشرها عن أشهر الجواسيس في مصر، والذين أسهموا بنجاح كبير في حماية مصر من الأعداء، وفي المقابل اعترفت أن هناك من كان يعمل ضد الوطن، وذلك في الفيلم العربي الشهير للراحلة «مديحة كامل» بعنوان «الصعود إلى الهاوية»، ويتحدث عن الجاسوسة المصرية هبة سليم، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، حتى جاء مسلسل «دموع في عيون وقحة»، ويعتبر من أوائل المسلسلات المصرية التي كشفت عن الجواسيس وأنشطة المخابرات العامة ودورهم في حرب أكتوبر، ولعب بطولته الممثل عادل إمام. كما لا يمكن أن نغفل بالتأكيد مسلسل «رأفت الهجان» الذي حقق نجاحا أرعب الفنانين أنفسهم. والهجان هو الاسم الحركي للمواطن المصري رفعت علي الجمال الذي وبحسب المخابرات العامة المصرية رحل إلى إسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية، في إطار خطة منظمة في يونيو عام 1956، وتمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب وأصبح شخصية بارزة.

معرض الكتاب في الرياض دفعني لشراء عدد من الكتب التي تتحدث عن الجاسوسية، وشغفي بمعرفة مثل هذه العوالم جاء من خلال الدراما والسينما المصرية التي زرعت بداخلنا الرغبة أكثر في المعرفة. وقرأت طويلا ما كتب حول المعرض الذي أقيم في العاصمة الروسية موسكو، وكان يحتوي على بعض تفاصيل حياة «كيم فيلبي»، وهو أشهر عميل مزدوج في العصر الذهبي للتجسس في روسيا، وتم استعراض دوره في تزويد الاستخبارات السوفيتية السابقة «كي، جي، بي» بوثائق بريطانية سرية، وصل بعضها إلى مكتب جوزيف ستالين. الأكثر إثارة أن فيلبي كان العميل البريطاني الأكثر فاعلية، بين ما يسميه المؤرخون «خماسي كامبريدج»، الطلاب الخمسة السابقين في الجامعة العريقة وتمكن الاتحاد السوفيتي من تجنيدهم في ثلاثينات القرن الماضي.

في الكتاب الذي أقرؤه الآن «الملاك – الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل»، أوقد ألف شمعة في رأسي حينما لخص شخصية الجاسوس وبماذا يتصف، حيث أشار إلى ما قاله هانسن من أن المال ليس هو الدافع الرئيس لخيانة الوطن، فالدراسات التي تناولت هذه القضية ترى شبكة كاملة من التعقيدات والتناقضات الشخصية، مثل الميل نحو المخاطرة، أو الميول الجنسية الشاذة، و«أنا» محطمة، لتجتمع كلها وتشكل حافزا قويا لخيانة بلده. وأوضح أنه قلما يكون الجشع كافيا وحده للقيام بعمل ينطوي على قدر كبير من الإشكالات الأخلاقية، والمخاطر الشخصية، مثل خيانة المرء لبلده.

أنماط الجواسيس بحسب دراسات:

• سلوكهم يرتبط بأنماط شخصية معينة، ومن أقواها الميل إلى تقسيم ولاءات المرء، بما في ذلك إقامة علاقات خارج إطار الزوجية

• النزعة النرجسية وحب الذات، وغالبا ما يتجليان في اضطرابات في العلاقة مع الرئيس أو الشريك، والشعور بعدم تقدير مواهب المرء وإنجازاته

• عدد من الخونة يعانون من الفقدان المبكر لآبائهم أو إشكالات في العلاقة معهم، والشعور بالفقدان يجري تصريفه كفعل أو دافع لتقديم خدماتهم للأعداء

SarahMatar@