كيف نحقق الاستفادة العظمى من مشروع الطاقة الشمسية؟

السبت - 07 أبريل 2018

Sat - 07 Apr 2018

قبل أيام عدة وقع ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مذكرة تفاهم مع «سوفت بنك» لإنشاء أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، بهدف إنتاج نحو 200 جيجاوات من الكهرباء بحلول عام 2030 وبتكلفة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار أمريكي.

بلا شك أننا أمام مشروع طموح، وإن تحدثنا بلغة الأرقام فإن حجم إنتاج المشروع عند اكتمال إنشائه يبلغ نحو 40 ضعفا من إنتاج مشروع دبي للطاقة الشمسية (أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم عند الإعلان عنه)، والذي من المفترض أن يكون قادرا على إنتاج نحو 5 جيجاوات بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تغطيته الإنتاج المحلي من الكهرباء بالكامل والبالغ نحو 65 جيجاوات حاليا، وكما نعلم أن إنتاج جيجاوات واحد من الطاقة الشمسية يكفي لإمداد نحو 700 ألف منزل بالطاقة الكهربائية اللازمة، هذا يعني أن المشروع سيمد نحو مليار وأربعمئة مليون منزل بالطاقة، وهو رقم كبير جدا سيمكن المملكة من الاستمرار في أداء دورها التاريخي وهو إمداد العالم بالطاقة بأنواعها التقليدية والمتجددة.

أجمل ما في هذا المشروع أنه بني على مكامن قوة، أولها توافر المواد الخام الداخلة في صناعات الطاقة الشمسية، ومنها مادة السيليكا المتوفرة بكثرة في شمال المملكة والمتميزة بنقاوتها العالية وتوفر الأسلاك المعدنية والصناعات الداعمة لها وهي الألمنيوم والزجاج. وثانيها الموقع الرائع الذي تحتله المملكة، مما يمكنها من التعرض لإسقاط شمسي عال جدا يصل إلى نحو 8300 وات لكل متر مربع في الساعة، وهو من أعلى معدلات الإسقاط الشمسي في العالم. وثالثها توفر خبرات تقنية تعمل في هذا المجال منذ زمن وإن كانت محدودة العدد إذا ما قورنت بحجم المشروع.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف نحقق الاستفادة العظمى من مشروع كهذا؟ فيما يبدو أن هناك عددا من الأمور قد يكون من الأجدى النظر إليها، وهي:

الأول: تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الراغبة في بدء ممارسة نشاط الاستثمار في صناعات الطاقة الشمسية للانخراط في هذا المشروع عبر طرح فرص لتقديم خدمات لوجستية مرتبطة بسلاسل الإمداد والتوريد للمواد الخام ومواد التركيب الأولية الخاصة بإنشاءات المشروع.

الثاني: إنشاء معاهد وكليات تقنية متخصصة بعلوم وتقنيات الطاقة الشمسية لإعداد كوادر وطنية ذات كفاءة عالية قادرة على العمل بشكل تكاملي داخل منظومة المشروع التي تشمل (التخطيط والإدارة - التشغيل والصيانة - البحث والتطوير - التصنيع والابتكار).

الثالث: إعداد برامج تدريبية لعدد من خريجي التخصصات الجامعية ذات الصلة بعلوم وتقنيات الطاقة الشمسية على جميع أجزاء المشروع من إدارة وتشغيل وصيانة وتصنيع وبحث وتطوير لإتاحة فرصة لهم للانخراط مستقبلا في صناعات منظومة توليد الطاقة وبطارياتها ولتطوير مهاراتهم في هذا الجانب.

أعتقد أن مستقبل الطاقة بشكل عام سيتغير خلال العشرين عاما المقبلة، وستتغير معه تبعا لذلك الكثير من المفاهيم المرتبطة بها، فالطاقة المتجددة بأشكالها المختلفة تستعد للوثوب عاليا نحو القمة؛ قمة مصادر الطاقة، وقد يصبح استخدام مصادر الطاقة التقليدية لتوليد الكهرباء في يوم من الأيام كمن لا يزال يستخدم إحدى الإصدارات القديمة من أنظمة التشغيل (Microsoft Windows) في أداء أعماله على الحاسوب! لذلك فمن المهم جدا أن ندرك هذا التغير سريعا، وأن نسعى لاستغلال هذا النفط الشمسي وهذه الثروة الطبيعية، وأن نعظم الاستفادة منها، وكما يقول باولو كويلو «خلقت الفرص لكي تقتنص على الفور».