عبدالله المزهر

هيا بنا نعترف!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 02 أبريل 2018

Mon - 02 Apr 2018

بغض النظر عن قضية التعنيف الأخيرة، وهل هي حقيقية أم مختلقة، لأن هذا لا يغير من حقيقة وجود هذه المشكلة، فإن السؤال هو: هل زادت حالات العنف الأسري فعلا أم إن التصوير والإعلام الحديث أبرزا جزءا من شيء كان موجودا وما زال؟

أظن أنه لم يتغير شيء، وربما ـ والله أعلم ـ أن قضايا التعنيف في هذه الأيام أقل من أيام مضت، لكن الفكرة هي أن ما كان يحدث في الخفاء ولا يعلم به أحد من البشر أصبح ظاهرا يراه كل أحد.

ولذلك فإني أظن ظنا آخر أن بعض القوانين المتعلقة بهذا الأمر يجب أن يطالها شيء من التحديث، لأن الأمر يبدو مؤسفا حين يكون الاهتمام فقط من أجل تهدئة الرأي العام وليس من أجل القضية نفسها. وهذا يحدث في كثير من القضايا والمشكلات وليس فقط في قضايا التعنيف.

ثم إنه لا بد من الاعتراف بأن المشكلة عامة وتكاد تكون سلوكا عاما، فالعنف اللفظي أو الجسدي هو طريقة «السواد الأعظم» في التفاهم مع المخالف، سواء كان هذا المخالف بعيدا أو قريبا، سواء كان مجرد «معرف» في تويتر، أو شخصا حقيقيا تتشارك معه الحياة.

أما الأكثر أسفا فهو استغلال هذه القضايا الإنسانية من أجل مصالح ضيقة، وأكاد أجزم ـ ولكني لم أفعل ـ أن «بعض الناس» يفرحون وينتشون حين تثار قضية من هذا النوع، لأنها ستكون وسيلتهم للنيل من خصومهم أو لتعزيز موقفهم. أما «الضحية» فهي ـ أو هو ـ آخر شيء يمكن التفكير في مصيره أو الأسى من أجله.

وحين تكون الضحية «أنثى» فإنه لا بد لنا أيضا من الاعتراف بأمر آخر، وهو أن أول شيء يتبادر إلى أذهان الكثيرين عندما تثار قصة تعنيف هو «لا بد أنها ارتكبت ذنبا عظيما»، حتى وإن لم يقولوا ذلك عبر وسائل التواصل، لأن هذا التفكير العلني لن يساعدهم في الظهور بمظهر الحقوقيين النبلاء.

ولأني لست ملاكا ـ كما تعتقدون ـ فإن هذه الوساوس تخطر لي أحيانا، ولكني أعالج هذه الوساوس بالاعتراف علنا بها وبأنها أفكار ووساوس «حقيرة»، وأشعر بالارتياح حين «أعنف» نفسي على أفكار كهذه.

وعلى أي حال..

التعنيف موجود في كل بقاع العالم، حتى في تلك الدول التي تسبقنا في مجال حقوق الإنسان ـ وهي كثيرة كما تعلمون ـ ولكن الفرق يكمن في المعالجة، والخطوة الأولى والمنطقية والبدهية في مثل هذه القضايا هي معاملة «الخصم» كخصم وليس كشاهد، أيا كانت علاقة الضحية بهذا الخصم. أما الخطوة الأخرى، وهي صعبة نوعا ما وثقيلة إلا على من خففها الله عليه، فتكمن في التخلي عن فكرة الشخصيتين، والتي يمارسها السعوديون بمهارة عالية، الشخصية الحقوقية في تويتر ومواقع التواصل، والشخصية التي لا علاقة لها بالحقوق على أرض الواقع.

@agrni