محمد أحمد بابا

ريادة الحب

الاحد - 01 أبريل 2018

Sun - 01 Apr 2018

شاع فينا مبدأ ريادة الأعمال، خاصة ما يتعلق بتشجيع ودعم الأفكار والمواهب والمشاريع ذات الابتدار الخلاق، قلت لنفسي: لعلي أستطيع أن أسهم في (ريادة الحب) وشحذ همم المحبين ليطبقوا استراتيجيات ترجمة مشاعرهم على أرض الواقع، ليعيشوا واقعا يدفعهم لأن يكون الحب وقود النظرة الإيجابية للحياة والجمال والمجتمع واليوميات.

ماذا لو علمنا باثنين يحب كل منهما الآخر، فاستمعنا لهما بعفوية وهما يقصان علينا مشاعرهما المتجددة والقديمة ومواقفهما اليومية، ودفعنا بهما للنجاح، ونقول لهما: أحسنتما صنعا فالحب يصنع معجزات الآمال ويوصل لمبتغى الرؤى.

هل من سبيل لنقول لها وهي تحبه انظري لعينيه، وقولي له: رغم عتابك ففي عينيك حروف اسمي مبعثرة ؟ هل من طريق لنخبره وهو يعشقها أن يهديها منديلا زهريا مستحثا سؤالها عن سبب اختيار اللون، ليقول لها: لون حبي لك هو الحكم.

بعضهم ربما يستطيع أن يجلس مع اثنين عاشقين في مقهى وقت البرد يتشبث بمعطفه من شدة الصقيع، ليقول لهما خذا كل الوقت لتشعرا بالبرد الذي أشعر به، فأنا لا ألومكما، فمنادمة المحبين دافئة الملامح كما أرى، ولا تنسيا الاحتساء من قهوة بردت - على الأقل - مجاملة للنادل.

بداية أضواء الحب بين المتلاقين حرية أن نكون لها روادا، وأن تسير في أفق المراس الشعوري الذي يرفع بطين القلب وأذنيه متجاوزين كل حاجز، فيرى أصحاب القلوب الطيبة كم هو لون الحب في أعين المحبين ذا نكهة فائقة الاختراق.

مقدسة هي وجهة نظر حبيب في حبيبه، فلا حصانة لقلب أن يتلمس الحب كيفما وجد أو شاء أو رأى أو تخيل، وأحترم أنا كيمياء الحب وتركيبتها ولو تمردت بين اثنين، وأجعل منها ريادة لنفسي ومن يتحاور معي لأن نحب بشكل مختلف.

استحقاق الحب لأن يكون ميدان الاختراع، وفضاء الخروج عن دائرة صندوق مغلق، يبدو واضحا لمن سمح لقلبه أن يكون طبيعي الشعور تجاه علاقات يراها في آخرين.

تسأل عنه فيخبرونك أنه يحبها فقل لهم هنيئا له.

تسأل عنها فيخبرونك أنها تحبه فقل لهم هنيئا لها.

لذلك من الممكن القول: ريادة الحب طوق من ياسمين، من جرب حياكته زمن تفتح الزهور بذوقه الخلاب سيفوز بتحفيز القلوب نحو حب يجلب السلام للبشرية.

ألا ترون أننا نهدي من يحتفل بحبه أساور أو قلائد أو أطواقا ؟ فلماذا لا نهدي المحبين ريادة ؟ فيصيبنا من إكسير وأوكسجين تلك المشاعر ما يفرحان هما به امتنانا، ونسعد نحن به إنجازا.

من ذلك سنتيح لأعيننا رؤية صحية ذات انعكاس إيجابي لمنظر اثنين كما غنت فيروز:

بليل وشتا صوته مسموع /

ياهو اغمريني ياهو دموع /

اثنين عاشقين قاعدين دايبين /

عم يحكوا سوا ع ضو شموع/

وما أجملها من لوحة يرسمها الحب.

أتوقع لو أفسحنا لدعم الحب مكانا في ريادة النشاطات الإنسانية بين اثنين ستتفجر طاقات إبداعية إيجابية نحو ما لا نتخيله، من رعاية مرهفة لحقوق الإنسان، وتقدير جم لثقافة مراعاة الشعور، وتمسك كبير بثقافة المحافظة على سعادة النفوس.

وسائل بسيطة جدا هي رسل الحب لتغذية قلبين استسلما له، ولطائف راقية لو أمسكنا بزمامها سندرب جيلا كاملا على الاطمئنان بالحب وللحب وفي الحب، وما أبدع ريادتنا لو تمكنا من تشجيع الكاتمين على بث تجاربهم أدبا ومناسبة كلام حتى يستفيق نائمو برودة المشاعر.

في ذخائر التاريخ ما يوصل الحب مئذنة الفلاح حين التعبير عنه، ويجعل حب اثنين لبعضهما نموذج العطاء والدعاء والبركة، ويسارع بعلاقة ناصعة البياض أن تكون الأجمل وهي تحبه وهو يهذي بها.

نحتاج فعلا أن لا نذعن لحب يكون فيه أهل الحب مساكين أغلال.