سنابات تجلب الحسرة!

الاحد - 01 أبريل 2018

Sun - 01 Apr 2018

لست مبالغا إن قلت إن من أشد مساوئ حياتنا الاجتماعية الحاضرة تطبيق «سناب شات»! شاشة صغيرة في جوالك تختزل بها حياة عشرات – بل ربما مئات – من البشر في ثوان معدودة، يصنعونها بامتياز بعد محاولات ومراجعات عدة لكل مقطع، قبل الضغط على الزر الذي يسمح بوصول تلك الثواني إلى ألوف مؤلفة من المتابعين!

فذاك يستعرض لقطات لأطراف سيارته بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وتلك تهيم في تغطية لذاك البلد في استعراض يبدو وكأنه غير مقصود لحجم البذخ والإنفاق.

أتألم كثيرا وأنا أرى ذلك الاستعراض يخترق البيوت والقلوب، فتجد شابا محبطا يشعر بالفشل، وفتاة تشعر بنقص حياتها عن غيرها، لا يقع في هذا الشباب فقط، بل الكل بلا استثناء. والسبب أن الإنسان بطبيعته ينجرف إلى المقارنة دون أن يشعر، فيقارن نفسه بذاك الشخص، أو بمعنى أدق: بتلك الثواني التي اختار ذاك الشخص أن يظهرها لغيره، ويغيب عن الذهن أن كل أولئك البشر يعتريهم ما يعترينا من تعب، وكبد، ويأس، وملل، ومحاولة، وفشل، وخطأ، ونقص. هم مثلنا! غير أنهم اختاروا أن يصنعوا أفلاما سينمائية لحياتهم تظهر لقطات معينة تجعل من يراها يتمنى مثلها.

إياك أن تقع في الفخ، وإن كنت وقعت فإياك أن تستمر واقعا فيه! أول خطوة للخروج من هذا الفخ: ألغ متابعة كل من تراه مستعرضا لحياته بانتقاء باذخ، لا يرسل نافعا، ولا ينقل علما، ولا ينهض بك بكلام، ولا يبهجك بطرفة، ولا يرسم بسمتك بلطافة، بل كل ما عنده تصوير لماديات حديثة جامدة هامدة، ذات قيمة مالية عالية، هذا كل ما لديه. احذف حسابه، ثم انس أنك حذفته، ثم انس أنك نسيت! فلا حسرة على مثل هذا.

وإن التحية التحية لأولئك الذين سخروا شاشتهم الصغيرة لينفعوا الناس دون كبر، وينصحوا الناس دون غرور، ويدخلوا البهجة والسرور على من يتابعهم دون إسفاف، فينقلون لنا دوما ما نسعد بأن نراه، وننتفع أن نسمعه، ونتقدم به إلى الأمام، لا نعود منه إلى الخلف.

تذكر دوما، قرارك بيدك أنت لا عند غيرك. حسرتك تصنعها بيدك، عيناك إن رأتا فشلك فهو من صنيعك لنفسك، وتذكر أنهما قادرتان على أن تريا النجاح والطريق المنير. فقط قرر أن تملأ حياتك بمن ينفع وينتفع، لا بمن ينتفع ولا ينفع.