عبدالله المزهر

النيسانيون الجدد!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 01 أبريل 2018

Sun - 01 Apr 2018

اليوم الذي أكتب فيه هذا المقال هو الأحد الأول من أبريل، بعد نهاية أسبوع قضيته وأنا أتنفس تراب الوطن والذي كان حقيقيا بما يكفي لتحصل رئتي من تراب الوطن على ما لم تستطع بقية أعضائي الحصول عليه.

وأبريل شهر الغبار والكذب أيضا، ومع أنهما ـ أي الكذب والغبار ـ يأتيان في كل فصول السنة وفي أغلب أيامها إلا أن رغبة الاحتفاء بأشيائنا جمعتهما في هذا الشهر.

وكما أظنكم تلاحظون فإن الاهتمام «بكذبة أبريل» لم يعد كما كان سابقا، وإن كانت الصحف والقنوات الإخبارية تنشر أخبارا غريبة وكاذبة في الأول من أبريل من كل عام فإنها الآن تفعل ذلك على مدار الساعة كل يوم من أيام السنة، الكذب يترك مقاعد الرذائل ويسير بخطى ثابتة ليكون سيد

الفضائل جميعها.

والكذب إن كان ملح الرجال فإنه وجبة «الإعلام» كلها وليس ملحها فقط. وبالمناسبة فإن الذي ابتدع مقولة «الكذب ملح الرجال» كان يفعل ما يفعله الناس أجمعون، وهو خلق مبرر أخلاقي لتصرفاته التي لا علاقة لها بالأخلاق.

وهذه طبيعة بشرية، حين يعجز الكائن البشري عن القيام بأمر ما، أو يجد أنه صعب ومرهق فإن الحل الأسهل هو خلق مزايا تبرر وتجمل عدم القيام بذلك الفعل.

إلى وقت قريب كانت أكثر شتيمة تستفزني وتشعرني بالغضب والامتعاض هي وصفي بالكذب، لأني كنت أحاول جاهدا ألا أكذب، وحين وصلت ـ أو كدت أصل ـ إلى درجة أنه تمر علي أيام دون أي كذبة مهما كانت صغيرة وبيضاء أصبح الكذب شيئا جميلا. وبدأت أشعر بالندم وأبذل جهدا جديدا من أجل تغيير تلك العادة السيئة وأمرن نفسي على سلوك جديد، أصبحت أكذب أحيانا دون مناسبة ودون مبرر. فقط حتى أبدو متحضرا ومتأقلما مع الواقع ومليئا بالملح.

وأنا أنجح تماما في هذا التمرين الجميل، وأبدو مقنعا وأنا أكذب أكثر مما أفعل وأنا أتحرى الصدق. أصبحت مقنعا لدرجة أني أكذب على نفسي دون أن أعلم أني أفعل. حتى إني صدقت ما قلته قبل بضعة أسطر وادعائي أنه كانت تمر أيام دون كذب.

وعلى أي حال ..

في هذا العصر الذي يتكلم فيه الجميع ولا يسمع أحد لم تعد مسألة الكذب مسألة اختيارية، فاكذبوا بإرادتكم أو أقنعوا أنفسكم ـ مثلي ـ أنكم تكذبون لأنكم تريدون أن تفعلوا ذلك، هذا سيجعل شعوركم بالرضا والارتياح ـ وربما السعادة ـ أكبر بكثير مما ستشعرون به حين تجبرون على الكذب.

@agrni