صلاح صالح معمار

العقلية الافتراضية في الزمن الافتراضي!

الاحد - 01 أبريل 2018

Sun - 01 Apr 2018

العالم الافتراضي أصبح هو الواقع، والواقع أصبح افتراضيا! فعدد الساعات التي نقضيها مع العوالم الافتراضية أكبر بكثير من الساعات التي نقضيها مع الحياة الواقعية. الانغماس في العالم الافتراضي يجعل العقل يظن أنه عالم حقيقي ويتعايش مع هذا الافتراض حتى يصبح الخروج من هذا الواقع صعبا جدا. والجميع يدرك الأهمية الكبرى لهذا العالم الجديد الذي يتمثل في أشكال عدة، وأحد أهم هذه الأشكال شبكات التواصل الاجتماعي، والتي شكلت وتشكلت سلوكياتنا ومعارفنا ومهاراتنا وعلاقاتنا بناء عليها. والمقال لن يتحدث عن الجوانب الجيدة أو المكتسبات التي تحصلنا عليها، بل سيركز على تلك العقلية التي أدمنت الحياة الوهمية الافتراضية ولم تنجح في توسيع قاعدة الفائدة من العالم الافتراضي وتضييق الخناق على جوانبه السلبية. لذا هناك 6 علامات عليك الحذر منها حتى لا تقع ضحية العقلية الافتراضية السلبية.

1 علاقات افتراضية: أصحاب العقلية الافتراضية تواصلهم اليومي مع علاقاتهم الافتراضية أكبر بكثير من علاقاتهم الحقيقية! بل حتى التعامل مع العلاقات الافتراضية البعيدة أرقى بكثير من التعامل مع العلاقات القريبة. لذا تجد صلة الرحم لديهم افتراضية مع علاقات افتراضية، والعقوق واقعيا مع علاقات قريبة!

2 إنتاج افتراضي: صاحب العقلية الافتراضية إنتاجه غير ملموس واقعيا، بل مدون في العوالم الافتراضية، من خلال عدد التغريدات التي يكتبها، من خلال النسخ واللصق دون الوعي بمضمونها، أو من خلال شعوره بأنه مثقف زمانه وأنه شخص منتج لأنه يرسل مئات الكتب عبر مجموعات الواتس اب وهو لم يقرأ كتابا منها! والمزعج أن بريق شبكات التواصل الاجتماعي جعل حتى المنتج الحقيقي يتحول إلى منتج افتراضي، فتغريدة ربما تجلب له شهرة ومالا أكثر من إنتاجه السابق كباحث أو متخصص، ثم تجده يتصدر المشهد الإعلامي، بينما الشخص المنتج الحقيقي منسي في معمله!

3 علوم افتراضية: أصحاب العقلية الافتراضية أصبح لديهم من كل شيء قطرة وليس من كل علم! حتى إن مجموع هذه القطرات لم يملأ كوبا! لذا انتشرت ثقافة القشور والحصول على طرف المعلومة والاكتفاء بها وعدم العودة لأمهات الكتب! وكذلك اختلط الحابل بالنابل والحقيقي والمزور والمثبت علميا وغير المثبت، وتم تخزينه على أنه حقائق وبطريقة عشوائية غير منظمة أخرجت لنا عقلية مشتتة مشوهة!

4 نجاح افتراضي: هناك هوس لدى أصحاب العقلية الافتراضية بعدد المشاهدات وعدد المتابعين، وزيادتهم هي المؤشر الوحيد للنجاح! ولأجل هذا النجاح الزائف يلهث البعض لشراء هذا النجاح من خلال شراء المتابعين والمشاهدات للحصول على نشوة نجاح زائفة! وإن تم حذف حساباتهم من إحدى وسائل التواصل الاجتماعي يختفي أثرهم من العالم الواقعي ويعودون بلا قيمة حقيقية!

5 خصوصية افتراضية: أو الأصح لا خصوصية، فالجميع يعرف ماذا تأكل عبر حسابك في الانستقرام، ويتم رصد تحركاتك وسفرياتك من خلال سناب شات، واحتفالاتك العائلية منتشرة عبر الفيس بوك، والجميع يعرف حالتك اليومية المزاجية من خلال الحالة في الواتس اب، والجميع يعرف توجهاتك الفكرية من خلال تويتر!

6 إدمان افتراضي: يشعر أصحاب العقلية الافتراضية بالضياع عندما يبتعدون عن العالم الافتراضي لساعات، وتجد تواصلهم الافتراضي هو أول عمل يقومون به عند الاستيقاظ وآخر عمل قبل المنام!

العقلية الافتراضية = علاقات افتراضية + إنتاج افتراضي + علوم افتراضية + نجاح افتراضي + خصوصية افتراضية + إدمان افتراضي

S_Meemar@