أحمد صالح حلبي

لماذا الرياض خالية من النفايات؟

السبت - 31 مارس 2018

Sat - 31 Mar 2018

اعتدت خلال زيارتي لمعرض الكتاب بالرياض حصر الزيارة على المعرض وأجنحته ودور النشر المشاركة وما لديها من إصدارات جديدة، إضافة للالتقاء ببعض المؤلفين وحضور تواقيع إصداراتهم.

غير أن زيارتي هذا العام للمعرض أردت من خلالها الإبحار في ذكريات الماضي، فجعلتها موزعة بين المعرض وأجنحته والإصدارات الجديدة، إضافة إلى جولة ميدانية لشوارع وطرقات الرياض، وكانت أولى جولاتي لحي البطحاء الذي سكنت فيه في أولى زياراتي للرياض في منتصف الثمانينات الميلادية، ووقفت متأملا كيف كانت الرياض خلال تلك الفترة وكيف غدت اليوم، فأدركت أن تطورها الحقيقي لم يكن منحصرا على المجال العمراني والمدني، وما نراه من مبان شيدت أو كباري تشيد أو فتح لشوارع وطرقات، كما أن دخول خدمات المترو كوسيلة نقل جماعية ليست مقياسا للتطور الحقيقي لهذه المدينة، ولم يكن المال وحده صاحب الدور الأساسي في صنع هذا التطور، كما أن التعليمات والنظم والإجراءات والعقوبات الصادرة من أمانة مدينة الرياض لم يكن لها دور فيما نراه من تطورات.

لأن التطور الحقيقي ارتبط بعلاقة الإنسان داخل مدينة الرياض كمواطن أو مقيم بمجتمعه، وحرصه على أن يعيش حياة صحية خالية من المؤثرات البيئية، لذلك لم أر طوال فترة تواجدي التي امتدت عدة أيام سيارات جمع النفايات وهي تجوب الشوارع والطرقات والأحياء لجمع النفايات، ولم أر أكياس النفايات وقد تكدست أمام وحول حاويات جمع النفايات التابعة للأمانة، لا لعدم وجود شركة تجمع النفايات، أو عدم وجود نفايات بالمنطقة التي سكنتها، بل للتعاون الجيد الذي ربط المواطن والمقيم بالأمانة فالتزم الطرفان بواجبهما.

لذلك لم نر إلقاء النفايات بشكل عشوائي بل وفق المواعيد التي حددتها الأمانة والتزم السكان بها، والتزمت الأمانة بنقلها في مواعيدها، فظهرت مدينة الرياض خالية من النفايات.

ومثل هذه الخطوة التي خطتها أمانة مدينة الرياض ونفذتها بالتعاون مع السكان من مواطنين ومقيمين، جدير أن نراها منفذة بعدة مدن سعودية، لتغيب عن أنظارنا سيارات جمع النفايات التي تجوب الشوارع والطرقات ليل نهار، وتزيد من ازدحام حركة المركبات وتعوق حركة السير أثناء جمعها للنفايات.

وأملنا أن تبدأ أمانة العاصمة المقدسة بالتعاون مع المجلس البلدي للاستفادة من هذه التجربة، والعمل على تنفيذها بشكل تدريجي حتى وإن كانت طويلة الأجل، وأن يكون التنفيذ مقرونا بوضع برنامج توعوي، يوجه للأسر بكافة شرائحها متضمنا إيجابيات تنفيذ مثل هذا البرنامج وسلبيات تجاهله، فالهدف ليس منع رمي النفايات أو فرض غرامات وعقوبات بحق المخالفين، بقدر ما هو خطوة تستهدف المحافظة على البيئة، وتوفير أجواء صحية للجميع.