من خطب الجمعة

الجمعة - 30 مارس 2018

Fri - 30 Mar 2018

أعظم المصائب

«المصيبة في الدين أعظم المصائب، ولذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بقوله: (ولا تجعل مصيبتنا في ديننا) والمصائب تكون في مال الإنسان أو بدنه أو مسكنه أو أهله، وكلها تهون وتسهل أمام مصيبة الدين، فمن أصيب في دنياه بموت أو خوف أو جوع أو فقر أو مرض أو غير ذلك فقد نقص من دنياه ما قدر عليه، ثم إن هو صبر واحتسب ورضي عوضه الله خيرا منه.

إن المصيبة في الدين على قسمين: إما أن يبتلى المرء بالمعاصي كأكل الحرام واعتقاد السوء، أو يبتلى بما هو أعظم من ذلك كالشرك والكفر والنفاق وما أشبه ذلك، فهذه مهلكة مثل الموت للبدن ومن عز عليه دينه هانت عليه نفسه، إن المبتلى في دينه أخطر من المبتلى في بدنه، وداؤه أعظم، ذلك أن المؤمن يخالط الناس فيألفهم ويعاشرهم ويصادقهم لكن مع ذلك كله يحذر على دينه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (خالط الناس ودينك لا تكلمنه) أي خالط الناس لكن بشرط أن لا يحصل في دينك خلل وفساد، ودرءا لهذه المفسدة العظيمة فإنه يتعين الحذر من مجالسة الأشرار والفجار؛ فمخالطتهم تؤدي إلى الهلاك، والطباع سراقة، والإنسان على عادة صاحبه وطريقته وسيرته.

المؤمن يخاف كل سبب يفسد دينه، ومن صور إفساد الدين أن يعمد بعض الناس ممن رق دينه وضعف الوازع الديني عنده إلى أن يختار من فتاوى العلماء وآراء المفتين ما يروق له لسهولتها وموافقتها هواه، وقد انتشرت هذه العادة السيئة وللأسف حتى صار بعضهم يبحث في المسائل التي اشتهر المنع فيها ليجد رأيا آخر ومذهبا يرخص له في فعل ما نهي عنه لغرض اتباع هواه وإشباع شهوته عياذا بالله».

فيصل غزاوي ـ الحرم المكي

الخلق الحسن

«إن حسن الخلق هو الالتزام بالآداب الشرعية الواردة في النصوص من أطايب الأقوال، وجميل الفعال وحميد الخلال وشريف الخصال، وكل تصرف يقوم به الإنسان مما يكثر معه مصافوه، ويقل به معادوه، وتسهل به الأمور الصعاب وتلين له القلوب الغضاب، فمواقف صاحب الخلق الحسن في التعامل كلها حسن ورفق وإحسان وتحل بالفضائل وسائر المكارم لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) رواه مسلم.

بسط الوجه وطلاقته وبشاشته، وبذل المعروف وكف الأذى واحتمال ما يكون من الآخرين من إساءة وزلل وكظم الغيظ، والبعد عن الفضول، وتجنب المعاتبة والمخاصمة واللجاج، كل ذلك من حسن الخلق الذي يعني أن يكون الإنسان برا رحيما، كريما جوادا سمحا، باذلا سخيا لا بخيلا، صبورا شكورا، رضيا حليما، رفيقا متواضعا، عفيفا شفيقا رؤوفا، هينا لينا في طباعه، سمحا سهلا في تعاملاته، قال تعالى: (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار على كل قريب هين سهل).

من حسن الخلق تهذيب الألفاظ، وحسن المعاشرة، ولطف المعشر، والبعد عن السفه ومجانبة ما لا يليق ولا يجمل، ولا يسمع لصاحبه في المجالس عيبة ولا تحفظ له زلة ولا سقطه، وأن من أفضل الأخلاق وأجملها الإيثار، وستر العيوب، وإبداء المعروف، والتبسم عند اللقاء، والإصغاء عند الحديث، والإفساح للآخرين في المجالس، ونشر السلام وإفشائه، ومصافحة الرجال عند الالتقاء، والمكافأة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم، والإعراض عما لا يعني، وعن جهل الجاهل بحلمه وحكمه، وهكذا سائر تصرف طيب يجعل كبير المسلمين عندك أبا وصغيرهم ابنا وأوسطهم أخا».

حسين آل الشيخ ـ الحرم المدني