أحمد الهلالي

لماذا تدفع السعودية فلوسها للعالم؟

الجمعة - 30 مارس 2018

Fri - 30 Mar 2018

سؤال يدور على ألسنة عربية، لا شأن لها من الحياة إلا السعودية، تجد مجتمعاتهم غاصة بالفقر والبطالة والأمية والجهل والتعاسة الحقيقية، فلا تلفتهم كل هذه القضايا ولا تحرك في هممهم ذرة نخوة لابتكار حل، أو تقديم مبادرة تفيد إنسانا في مجتمعهم.

أقول لهؤلاء: لقد قدمت السعودية خلال 40 شهرا «من يناير 2011 حتى أبريل 2014» فقط، ما مجموعه 85 مليار ريال. وهذه الإحصائية ليست سعودية، بل صادرة في جدول عن صندوق النقد الدولي، بأسماء الدول العربية، والمبالغ المدفوعة من المعونات السعودية، والمرصودة، ونسبة تأثيرها على الناتج المحلي للبلد العربي المستقبل للمعونة. هذا غير إحصائيات أخرى كثيرة يوفرها قوقل للباحث المبتدئ جدا، ناهيك عما قبل تلك الفترة، وعما بعد 2014، وإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة، ودعم المملكة السخي لعدد من الدول العربية والإسلامية بمئات المليارات نقديا وعينيا، غير الاستيراد والاستثمار.

كل هذا لا يملأ عين المناوئين للسعودية، أو السذج الناعقين بما تفتريه وتردده وسائل إعلام مغرضة تحركها أنظمة بائسة، أو أيديولوجيات مسكونة بالغل والحقد على بلد لا يتبع عطاءاته منا ولا أذى، بل يراها واجبا قوميا ودينيا وإنسانيا.

من ناحية أخرى، وبعيدا عما قدمته السعودية لأشقائها، لو فكر أصحاب السؤال «العنوان» بتجرد وعقلانية، فإن بلادنا تدفع أموالها في بناء الوطن إنسانا ومكانا، ولا تجد السعودية دولة عربية أو إسلامية تنتج احتياجاتها الإنمائية كاملة وبجودة عالية، فلا صناعات دوائية ولا غذائية ولا تقنية ولا عسكرية ولا غيرها، ولا جامعات تبتعث أبناءها إليها ولا مراكز بحثية متطورة، وإنما مجتمعات ما تزال تخطو بخطى ثقيلة نحو بناء ذاتها.

أولئك الأغرار الذين يتحدثون بلغة بلهاء، وبلسان أعوج، ومنطق متهدم، غالبا لا يملكون معلومة حقيقية واحدة، وجل تحليلاتهم مبنية على معلومات مغلوطة، يستقون كدرها من معرفات وهمية في وسائل التواصل الاجتماعي، لكنهم يثرثرون بها بحماقة لا طب لها، فانطبق عليهم قول الشاعر:

لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها

فلو سألوا أنفسهم:

مقابل ماذا نستميل رأس المال السعودي؟ لوجدوا الإجابة في ضرورة التركيز على بلدانهم، فاقتصادات الدول لا تبنى بالاستجداءات، واستقطاب رؤوس الأموال يحتاج إلى حركة حقيقية في الصناعة والابتكار والإنتاج، وأهم من ذلك جودة الصناعات والمنتجات والنظم.

ليت أولئك المحللين العرب، الذين يستغلهم إعلام الفتنة يدركون حقيقة واحدة فقط، حقيقة «وعي الشارع السعودي» المتجاوز، فكل المعطيات تؤكد ثقة هذا الشعب بقيادته والتفافه حولها، هذا الوعي الذي يجعلنا نشعر بالحزن العميق على حال بعض أشقائنا العرب حين يستخدمون أدوات بغيضة ضد بلادنا، ونحن نعلم جيدا أن بلدانهم إنسانا ومكانا بحاجة إليهم، فلو صرفوا أوقاتهم وجهودهم إلى ذلك، لكان أجدى من الفتات الذي يحصلون عليه، من أجل أن يتحدثوا بالسوء عن بلادنا، فالسعودية تعلم جيدا ماذا تفعل، وأين تتجه، وأين تضع رأسمالها ومقدرات شعبها، وأكثر من هذا تعلم واجباتها تجاه الأشقاء، سواء في الدعم بالمساعدات، أو في الدعم بشراء منتجاتهم «على علاتها» دعما لاقتصاداتهم وإيمانا بالإخاء العربي.

ahmad_helali@