توصون شي ولاش ؟!

الجمعة - 30 مارس 2018

Fri - 30 Mar 2018

ضجت الساحة الثقافية طيلة الأيام الماضية ببكائيات المثقفين ومظلومياتهم، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها .. بل وصل الأمر فيهم إلى التعدي على خصوصيات الغيـر وممارسة الوصائية والتسلطية المقيتة والبعيدة كل البعد عن المهنية الثقافية ومحاولة إقصاء الآخـر، وكأن ميدان معرض الكتاب لا يسمح إلا للطبقة النخبوية الفئوية المخملية الحالمة فقط ..!

وما دام أن أبا جفين الشهير وكتابه «توصون شي ولا ش « لم يتجاوز أنظمة القانون ولم يتجاوز أنظمة وزارة الثقافة والإعلام فهو جدير بالمشاركة وعرض ما كتبه في منصبه دون المساس بأي مؤلف من المؤلفين أو كتبهم فلماذا كل هذا الاحتقان النخبوي والحشد الثقافي غير المقنن أو المبرر على طريقة الدكتورة - كما يقال - والتي نزلت نزولا غير محسوب على أبي جفين في المؤتمر الذي يسبق معرض الكتاب وهجومها على كتابه وشخصنتها للموضوع بطريقة بدائية فيها الكثير من التجاوز الغير محمود والذي لا يليق بها كمثقفة تدعي حرية الفكـر دون الانتقاص والعدائية التي مارستها بطريقة عشوائية فيها الكثير من الحسد والغيرة والوصائية التي ظهرت بوضوح فاضح ..!

بينما لو أعدنا الذاكرة للوراء لوجدنا الكثير ممن يدعون نخبويتهم الحالية والذين بات لهم دور في الثقافة والأدب كانت بداياتهم الأولية متواضعة تحمل الكثير من البساطة والسذاجة في طرحهم وفق تلك المرحلة العمرية الفكـرية وما كتب الأديب أنيس منصور إلا دليل على أن الكاتب يتطور بتطوير أدواته واطلاعه والبحث المستمر عن المعرفة، المهم أن نقرأ، فبمجـرد أن نقرأ نستطيع تمييز الجيد من الرديء والحكم المسبق انطباعات أكثر منها آراء ، وليت هذه الآراء المليئة بالكثير من البغض وجهت سهامها لمن هم أشد إيلاما من « توصون شي ولا ش « وهي تلك الكتب التي تدعو للتطرف وإقصاء الآخرين والعنصرية والكتب االمسروقة ؟!

أبو جفين بكتابه الأكثر مبيعا بالأرقام أحدث حراكا ثقافيا تصدر مساحات الرأي ، وحراكا مجتمعيا وصل معه للترنـد عبر منصات السوشال ميديا تحديدا « التويتر « الأكثر جدلا فهل نغفل هذه الحقيقة ؟!

وعندما نضع هذه القضية على طاولة النقاش والمحاكمة فنحن لا نتعاطى مع قضية وليدة الحدث بل كانت امتدادا لتلك الانقسامية بين النخبوي والشعبوي والتي أرى فيها أن الشعبوي قد اكتسح النخبوي اكتساحا فظيعا بفضل تلك الجماهيرية والمتابعة الملايينية ..!!

على المثقفين أن يسألوا أنفسهم قبل غيرهم لماذا سحب «مشاهير السوشال ميديا « البساط من تحتهم ؟

ولعلي أطرح رأيا لا نخبويا ولا شعبيا عن تلك الحالة التي نشاهدها أمامنا ..

الذين يعيشون العزلة النخبوية الفئوية والطبقة الفنتازية المثقفة هي من أحدث فراغا كبيـرا بينها وبين العامة مما سمح لأبي جفين وأبي سن وفيحان والكثير بالظهور وملء هذا الفراغ بكل امتياز واقتدار وهذا نجاح أعتبره يسجل لتلك الفئة التي طوعت التقنية بكل برامجها التواصلية لخدمة توجهها العام وطريقها المليء بالكثير من الطرفة والنكتة التي يجد فيها الكثير نفسه ويجدها متنفسا له وداعما ومتابعا لها بقوة ..!

تلك النخبوية هي من كانت السبب، فتلك الفئة مشاهير « السوشال ميديا « ببساطتها وسذاجتها ومخالطتها للمجمتع بواقعية كسبوا قلوب البشـر وكسبوا الكثير من الشعبية الجارفة .. بينما النخبويون يرون أنهم فوق الرعاع الدهماء والعامة فعاشوا في عزلتهم الفنتازية المخملية الحالمة وأنتجوا لنا أدبا نخبويا لا يفهمه إلا المتخصصون والعاشقون له ..؟!

علينا الاعتراف بجماهيرية « مشاهيـر السوشال ميديا « وشعبيتهم التي جعلتهم يتجاوزون كل حدود المنطق والعقل، ودعمهم وتوجيههم توجيها صحيحا يخدم الثقافة الشعبية فتكون مع الثقافة النخبوية في طريقين متوازيين يخدم الصالح العام بدلا من الفرقة والسباب وكيل الشتائم وممارسة الإسقاطات التي لا طائل منها .

ومضة: قد يستعان بأبي جفين في خدمات تخدم الثقافة بدلا من مخملية المثقفين الحالمين البعيدين عن الواقعية، وهو الذي يعرض خدماته في كل ظهور له قائلا : «توصون شي ولا ش» مما دفعني لجعله عنوانا لمقالي أعلاه .