التمور كنز بعد الحج والعمرة

الجمعة - 30 مارس 2018

Fri - 30 Mar 2018

تحتل المملكة المركز الثاني عالميا في إنتاج التمور بإنتاج سنوي يبلغ حوالي 1,3 مليون طن، وتمثل نحو 16 % من مجمل الإنتاج العالمي للتمور الذي يبلغ 7,75 ملايين طن بحسب تقرير صدر مؤخرا لوزارة البيئة والمياه والزراعة، ورغم هذا المركز المتقدم في إنتاج التمور إلا أن عمليات تصنيع التمور ما زالت تقتصر على التعبئة والتغليف، ولم تصل إلى الصناعات التحويلية بعد، وهو ما يعني عدم الاستفادة من التمر بالشكل الأمثل المفروض.

ولذلك أقيمت بحوث تطبيقية منذ عام 1988 واستمرت لعقدين كاملين، ولكن على فترات متقطعة قام بها عدد من الباحثين الأكفاء حول السلع التي تنتج من التمور، وتوصلت تلك البحوث المدعومة باختبارات التذوق إلى العديد من المنتجات المبهرة، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: الدبس (عسل التمر) واستخدامه في منتجات الألبان والمثلجات القشدية، الأسمدة العضوية، عجائن التمر، لفائف التمر على غرار قمر الدين، مربى وزبدة التمر، حلويات ورحيق التمر، الشطة الحلوة، جلي التمر، التمور الذوابة في العصائر، الآيس كريم، سكر التمر العالي الفركتوز، ثريد وإقط التمر، إنتاج السيلاج وهو علف حيواني يتم إنتاجه من مخلفات النخل، كما أن التمر من خلال الأبحاث أكد فعاليته العالية في أغذية الأطفال والأغذية الخاصة لمرضى السكري، بالإضافة إلى عمليات التخمير لمستخلصات التمر لإنتاج حامض الستريك ومنتجات المخابز والخميرة والخل والإيثانول الذي يمكن استخدامه كوقود حيوي، إضافة إلى الاستخدامات الصناعية والطبية العديدة.. إلخ.

كما لا تفوتنا الإشارة إلى النواة التي بعد تحميصها تعطي منتجا خاليا من الكافين، ويستخلص منها الزيت والكربون المنشط.

ومن الممكن التعاون مع شركات عالمية خاصة في اختبارات التذوق على مستوى جميع شعوب الأرض، لتطوير صناعة الحلويات بالاعتماد على التمر بدلا من الشوكولاته وتصديرها لكل أنحاء العالم بأذواق تتناسب مع اختلاف النكهات العالمية، وقد تم إنشاء دراسة بحثية حول إنشاء مصنع نوعي لإنتاج العديد من المنتجات السابقة الذكر وبعائد يصل إلى 40% من رأس المال سنويا، وهو ما يعني إعادة رأس المال بالكامل خلال ثلاث سنوات، وهو ما يساهم في مضاعفة أرباح المملكة من التمر عدة أضعاف عن التي وصلت سابقا لـ 10 مليارات ريال سنويا، فشتان الفرق بين تصدير التمر في شكله الأولى، وبين تصديره في شكل العديد من المنتجات المذكورة سالفا.

ليس هذا فحسب فمن التمر يمكن استخلاص عدد كبير من الأدوية والمضادات الحيوية والفيتامينات لاستخدامها كعقاقير للوصفات الطبية لعلاج الكثير من الأمراض مثل منع تسوس الأسنان لاحتوائه على الفلور، والوقاية من السموم لاحتوائه على الصوديوم والبوتاسيوم وفيتامين ج، وعلاج فقر الدم (الأنيميا) لاحتوائه على الحديد والنحاس وفيتامين ب2، وخفض نسبة الكولسترول بالدم والوقاية من تصلب الشرايين لاحتوائه على البكتين، ومنع الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة، والوقاية من مرض البواسير، وتسهيل مراحل الحمل والولادة والنفاس لاحتوائه على الألياف الجيدة والسكريات السريعة الهضم، وعلاج الكساح ولين العظام لاحتوائه على الكالسيوم والفوسفور وفيتامين أ، وعلاج فقدان الشهية وضعف التركيز لاحتوائه على البوتاسيوم، وعلاج الضعف العام وخفقان القلب لاحتوائه على المغنيسيوم والنحاس، وعلاج الروماتزم وسرطان المخ لاحتوائه على البورون، ومضاد للسرطان لاستخراج (الجلوكان منه) ولاحتوائه أيضا على السلينيوم، وعلاج مرض الأسقربوط وهو الضعف العام للجسم وخفقان القلب وضيق التنفس لاحتوائه على فيتامين ج2، وعلاج الحموضة في المعدة لاحتوائه على الكلور والصوديوم والبوتاسيوم، وعلاج أمراض اللثة لاحتوائه على فيتامين ج، وعلاج الضعف الجنسي لاحتوائه على البورون وفيتامين أ، وعلاج جفاف الجلد وجفاف قرنية العين لاحتوائه على فيتامين أ، وعلاج أمراض الجهاز الهضمي العصبي لاحتوائه على فيتامين ب1، وعلاج سقوط الشعر لاحتوائه على فيتامين ب2.

وهناك سؤال يطرح نفسه الآن: لماذا لم يقم الغرب وهو يسبقنا في كل المجالات بإنتاج هذه السلع المقترحة من التمور؟ الإجابة ببساطة أن الغرب لا تتوفر لديه التمور أو على الأقل بنفس القدر المتوفر لدينا، وهذه ميزة لا بد من استغلالها، فلكي نصل إلى العالمية في أي صناعة أو منتج لا بد أن نتفرد أو نتميز بشيء، وبالطبع هذا الأمر ينطبق على التمر بكل الصناعات القائمة عليه.

وترجع أهمية إنشاء صناعة متكاملة على التمور إلى وجود كم كبير من الهدر، فبحسب وزارة البيئة والمياه والزراعة وصلت نسبة التمور المفقودة إلى 20% من الإنتاج الإجمالي بواقع 260 ألف طن، بينما التصدير للخارج 10% فقط بواقع 130 ألف طن، وهو ما يعني أن صناعة التمور ستزيد صادراتنا من 10% إلى 30% دون زيادة الإنتاج، لأن التصنيع يمنع الهدر، إضافة إلى القيمة المضافة الكبيرة بعد التصنيع.

وفي النهاية يجب أن نعترف بأننا تأخرنا كثيرا في الاستفادة من التمور في بلادنا، لذلك علينا من الآن استثمار مواردنا من التمور لننتج نفطا جديدا من السلع المختلفة التي تساهم في زيادة الدخل القومي، وتزيد من تنوع الاقتصاد.