حسن علي العمري

التجريم اللاحق للرشوة وجريمة النفوذ

الثلاثاء - 27 مارس 2018

Tue - 27 Mar 2018

يأتي قبول الموظف للعطية بعد أداء العمل المطلوب منه وبغير اتفاق سابق، صورة واضحة لا تخلو من خطورة بالغة على الوظيفة، باعثها هو التقدير والعرفان لما قام به الموظف، وتكون العطية حينها مكافأة للموظف على ذلك الأمر، وهو ما يسمى بالجريمة اللاحقة للرشوة كجريمة خاصة، ليأتي القانون ضاربا بعقوباته على رؤوس وأيدي العاملين بهذه الخدمة العامة ليحقق نتائجه ومؤداه في الردع على نحو أنجع.

ويظهر بجلاء أن أمر هذه العطية لم يكن مطروحا في الأساس للقيام بالعمل أو الامتناع عنه وألا عدت جريمة مادية أصلية وليست ملحقة، لأن نية الاتجار بالخدمة الوظيفية كانت حاضرة من بداية الأمر، ليأتي هذا الركن في صورة عناصر مركبة يتصور فيها الشروع وعدم التمام في بعض الحالات، وهذا النوع جريمة عمدية لا يشترط لها مقصد خاص، بل يتحقق القصد الجنائي بتوجه نية الجاني لقبول الهدية وهو يعلم أنها بناء على ما تصرف به من أعمال وظيفته.

وسعيا لاستقامة أمور الوظيفة وجعلها بيئة هدوء واطمئنان فألحقت أيضا بعض الأفعال التي قد تستغل من خلالها المواقع الوظيفية لتضعها ضمن نطاق التجريم للرشوة، ومن هذه الأفعال استعمال واستغلال النفوذ سواء كان حقيقيا أو مزعوما، لأن تلك الأفعال تتضمن إساءة للثقة المفترضة في تلك الوظيفة، وأن على السلطات كافة أن تتصرف بحيدة وموضوعية بعيدا عن أي سطوة من ذي نفوذ أو خلافه، فإن أساء هذا الموظف استغلال السلطة المخولة إليه بخلاف الأهداف التي يرمي إليها واضع هذه الخدمة أو استجاب لذي نفوذ لينحرف بهذه الخدمة عن طريقها السليم كانت تصرفاته تحت طائلة القانون، أما إن كان النفوذ موهوما فقد جمع عدة جرائم هي الغش والاحتيال والإضرار بالثقة الواجبة في السلطة العامة، لذا فإن استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول من أي سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو ميزة من أي نوع، في حكم الرشوة وتفرق عنها أن الرشوة اتجار بالعمل، فيما استغلال النفوذ اتجار بالسلطة سواء كانت حقيقية أو مزعومة، لأن الرشوة يشترط لقيامها اختصاص المرتشي بعمل الوظيفة أو الزعم بذلك، بينما استغلال النفوذ قد لا يكون موظفا عاما بالكلية إلا أن مرادها واحد هو اختلال الثقة بأعمال السلطة العامة.

ولذا فإن أي تصرف مادي هنا هو جريمة مكتملة لا مجال فيها للشروع شأن العرض والطلب والقبول والأخذ في جريمة الرشوة المادية.

وإن كانت هناك آراء قانونية تختلف حول ما إذا كانت الميزة أو الوعد بها من سلطة عامة! أو لا بد أن تكون السلطة وطنية! وما إذا كانت خاصة أو خلافها! وماذا عن السلطات غير الوطنية كالسفارات والقنصليات وغيرها؟ إلا أنه في المجمل ليس من عناصر قيام الجريمة أن تتحقق المزية فعليا.

1 يستحق قانونا الإعفاء من العقاب كل طرف دخل في جريمة رشوة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو ساعد في كشفها.

2 في الجرائم الملحقة بالرشوة يستحق العقوبة فيها المستغل للنفوذ باعتباره الفاعل الأصلي لها وكذلك صاحب الحاجة باعتباره شريكا في الجريمة.

3 عقوبة استغلال واستعمال النفوذ في النظام السعودي أنه يعد مرتشيا ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بأحدهما.

4 لم يحدد القانون المراد بلفظ النفوذ، إلا أنه تعبير عن كل إمكانية لها تأثير لدى السلطة العامة يجعلها تستجيب له بغض النظر عن مسمى أو ماهية هذا النفوذ.

[email protected]