أحمد الهلالي

محمد بن سلمان في أمريكا!

الثلاثاء - 27 مارس 2018

Tue - 27 Mar 2018

الحركة الدؤوبة لولي العهد داخل الوطن، وحركته الدؤوبة حين يحط رحاله في زيارة خارجية تضعانا أمام شخصية «عملية» تؤمن عميقا بما تقوم به، الإيمان الدافع لبذل كل الطاقات لتحقيقه، فإعلان الرؤية 2030 لم يسطر على الورق، وتوزع شعاراته وتعاميمه على الجهات، وتوكل بها أجهزة تنفذ منها ما استطاعت، وتترك البقية لمشيئة الظروف والاعتمادات وما في حكمها، بل يقوم عرابها الأمير محمد بن سلمان بالمتابعة الحثيثة، وليست المتابعة فقط، بل المتابعة الميدانية الفعلية، فلا غرابة أن ترى سموه اليوم في مكان لتراه غدا في آخر، وتسمع عنه بعد غد في ثالث وهكذا، وهذا هو سر تفاؤلنا جميعا برؤية 2030.

لم تبرد محركات الطائرة بعد زيارة ناجحة إلى مصر، حتى استقل أخرى إلى المملكة المتحدة، وبعد عودته استقل ثالثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وما يزال في زيارة أصدق توصيف لها أنها زيارة «عميقة»، ويأتي هذا التوصيف من جهة المدة والحركة المختلفة للزائر السعودي، فالناظر إلى الزيارة يظنها زيارة سياسية كالمعتاد فقط، لكن المتأمل في حركة الأمير يعلم أبعد من ذلك، فحركته الدؤوبة شملت عددا من الولايات في كل المجالات دون استثناء، «سياسيا واقتصاديا وصحيا وتعليميا وأكاديميا وتدريبيا وتكنولوجيا وصناعيا وعسكريا وثقافيا وفنيا» وغيرها مما تخبئ الأيام المتبقية للزيارة العميقة.

حين تظهر كل هذه الملفات على جدول أعمال الأمير في زيارته نعلم جيدا أن الرجل يعمل ببصيرة إلى نقل بلادنا إنسانا ومكانا إلى وجهة مضيئة، تلك الوجهة التي جلد العربي ذاته كثيرا لعدم بلوغها، وهي وجهة ـ أيضا ـ مثيرة للعالم، فهناك من ينظر إليها بحماسة وتفاؤل لثقته في الفكر الذي يقف خلفها، وعلمه بقدرات السعودية على شق طريقها خلالها، ويقابله من ينظر بتوجس؛ لأنه لم يعتد من دول العالم العربي الجرأة على التغيير الجذري وتجنيد كل القوى في هذا الاتجاه، وبالطبع لن أتحدث عن مناهضي تحول بلادنا؛ فأجندتهم ومنطلقاتهم تكفي لصرف وجهة الحديث عنهم.

ذكاء هذا الأمير الشاب يتجلى في استثماره كل الطاقات الممكنة لتحقيق أهدافه، ولعل الناظر في صور لقاءاته في أمريكا، لفتته الصورة المعلقة في صدر مجلسه للمؤسس وللرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945، ليؤكد للأمريكيين والعالم على عمق العلاقات ورسوخها بين بلادنا والدولة الكونية،ناهيك عن استثماره المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه قناة CBS الأمريكية، فاختار توقيتها قبيل زيارته حرصا على تقديمه وتقديم رؤيته إلى الشعب الأمريكي الصديق صافية نقية من شوائب الإعلام المضاد.

محمد بن سلمان في أمريكا، يعمل بكل طاقته لصناعة غدنا المنتظر، يتحرك وفق رؤية وأهداف مخططة ومدروسة، أجنحته الجرأة والشفافية والإيمان بالتغيير، لا يلتفت إلى هرطقات الظلاميين، ولا توجسات معتادي الجمود والخمول، ولا مقولات المثبطين القابعين تحت ركام الواقع العربي المتهاوي، بل ماض بعزم الرجال النادرين إلى صناعة مجد السعودية، وفي داخله إيمان بأن مجدها سيكون مفتاح المجد، محمد بن سلمان يقدم اليوم درسا لأجيالنا، مفاده أن التنظير وحده لا يكفي، وأن القول يظل قولا ما لم يقرن بالعمل، وأن الطموحات لا تتحقق إلا بالسعي الجاد الحثيث، والحركة الدؤوبة والمثابرة في تحقيقها.

ahmad_helali@