أجيال بلا أمهات

السبت - 24 مارس 2018

Sat - 24 Mar 2018

لا أعرف ما تفعله بعض الأمهات تجاه أطفالهن، حينما يوفرن لهم الهواتف والأجهزة الالكترونية، وما الهدف من أفعالهن هذه؟ وهن يقدمن لهم الأضرار بكل سهولة؟ وهل هذا جهل من هؤلاء الأمهات أم إهمال حينما يقتلن أطفالهن بأيديهن.

لا أعتقد أن هناك مبررا لتلك الأخطاء الشائعة في المجتمع، فمن المؤسف أن أتكلم عن مدى الاختلاف ما بين الماضي والحاضر في بناء تربية الأطفال، بل إن الاختلاف قد يكون ما بينهم يعود إلى الأمهات وذواتهم، أما بالنسبة لتربية الأطفال فكانت محصورة على الأسرة فقط، ولكن اليوم أصبحت الهواتف والجوالات والعالم الافتراضي بصفة عامة تسهم في تربية الأطفال من جميع النواحي، فالبعض من الأمهات المهملات يعتقدن أن الأمر ليس خطيرا. سأخبركم بأن بقاء الأطفال على الهواتف والأجهزة الالكترونية، لمدة زمنية طويلة أكثر من بقائهم مع أسرهم قد يسبب عوائق كبيرة في حياتهم سيعانون منها مستقبلا، وتلك الأضرار قد تكون جسدية أو صحية أو نفسية، ويترتب عليها فقدان مرونة الجسد وهو في سن النمو، وعدم الثقة بالنفس وهو ما زال ضعيف البناء، شعوره بالعزلة عن المجتمع يقتل عنده بلاغة اللسان، وعدم ظهوره للمجتمع بما يشعره اتجاهه يجعله أكثر تذمرا، هناك الكثير من الأشياء التي قد يصاب بها فكيف للأمهات أن يعرضن أطفالهن لكل هذا الجهد وهم في عمر الزهور، العمر الذي فيه الطفل هش خال من تجارب الحياة، بل وعاؤه فارغ وشغفه نقي تجاه معرفة كل شيء، وفي هذا العمر يحتاج كل طفل لأن يمتلئ بكل ما هو جميل ويليق به سنا، حتى يخلق في داخله روح الحياة وبذرة الخير والإصلاح. أعتقد أن من أولويات الأمهات الاهتمام بأطفالهن جيدا، والاستمرار في رقابتهم التامة فيما يفعلون سواء في هواتفهم أم في حياتهم اليومية، فقرب الأم يساعد كثيرا في بناء الشخصية والسلوكيات السليمة لدى الطفل، وهذا من أبسط حقوقهم، الأمهات مدرسة الحياة للأطفال، ويستطعن فعل ما لا تستطيع فعله تلك الهواتف بالأطفال، وكما قال الشاعر الكبير حافظ إبراهيم في قصيدة العلم والأخلاق:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعبا طيب الأعراق

الأم روض إن تعهده الحيا

بالرأي أورق أيما إيراق

الأم أستاذ الأساتذة الألى

شغلت مآثرهم مدى الآفاق

هذا يعني أن كل ما على الأمهات هو الاجتهاد في إصلاح أطفالهن، فلا تكثروا من الشكاوى في تغيير الزمان وصعوبة الأجيال، فإن الزمن يمضي كما هو، ولكن الأجيال تختلف بحسب أفرادها، أطفالكم خير وزينة الحياة الدنيا، لا تجعلوا انشغالكم في الحياة يمنعكم من تقدير هذه النعمة التي أنعمها الله عليكم، كل أم تستطيع أن تجعل أطفالها يتمتعون بأعمارهم الحقيقية إذا عرفت كيف تستخدم الطريق الصحيح في تربيتهم.