أحمد الهلالي

أكبر تكريم للأم في يومها العالمي!

السبت - 24 مارس 2018

Sat - 24 Mar 2018

عادة في كل الأيام العالمية، يتداول بعض الكتاب والمغردين والمتحدثين عبارة أصبحت «مبتذلة»، يتناسخونها في كل «يوم عالمي» لأي شيء كان، ربما فعلت مثلهم يوما، تلك العبارة «إن هذا الأمر أكبر من أن نختزله في يوم عالمي»، ويشرقون ويغربون في الحديث من منطلقات مختلفة بعد تلك العبارة «الكليشة»، ويتناسون أن هدف اليوم العالمي هو التذكير، ولفت الأنظار، وإعطاء الأمر حقه من الأهمية، بمراجعة تصرفاتنا خلال عام كامل، ومنجزاتنا أو قصورنا في هذا الشأن.

الأيام العالمية ومنها اليوم العالمي للأم أو الشعر أو المرأة أو اللغة أو غيرها، هدفها سام لا يتجاوز «التذكير ولفت الانتباه»، وليس الهدف منها التباري بين ثقافات الأرض ومرجعياتها الدينية والأخلاقية والعلمية في التعاطي مع القضية، وليست برامج مسكوكة من ثقافة تفرضها على ثقافة أخرى، فكل مجتمع سيتعاطى مع اليوم العالمي وفق رؤيته وثقافته ومعتقداته، فلنرأف بمجتمعاتنا من «اللت والعجن» ونضع الأيام العالمية في سياقاتها الراقية دون اتهامات ولا محاكمات ولا مماحكات.

حين تصبح «الأم» مدار حديث العالم كله في يوم واحد، كم من المقولات والمقالات والبرامج والتغريدات والدعوات والمنشورات والأشعار والأعمال الفنية بأنواعها والأحاديث الجانبية ستكون عن الأم، وكم ذات ستسمع أو تقرأ، وتراجع نفسها حول تعاملها مع الأم، وما يجب عليها، وكم عين ستدمع ندما على تفريطها وتقصيرها، وكم عاق سيتوب، وغافل سيثوب إلى رشده، ويبادر إلى العناية بأمه، أو إسعادها لو في ذلك اليوم العالمي فقط.

حين تكون الأم عنوان يوم عالمي، سيكون لذلك اليوم جلاله وقدره الرفيع، فالأم أعظم قائد اجتماعي، يكرس كل طاقاته لخدمة المجتمع في تخريج ذوات مستقيمة، تبذل أقصى جهدها لأن يكونوا إيجابيين فاعلين، وتستحق في ذلك اليوم احتفاء خاصا على أعلى المستويات، يكرم جهودها الجبارة، وقدراتها الفائقة، ويعزز في الأجيال مكانتها العلية.

ولو كان الأمر بيدي لما وقفت أم على باب المحكمة تطالب برعاية أبنائها، أو تتظلم للحصول على النفقة من رجال قست قلوبهم، وتخلوا عن مدارات الرجولة العليا، فتعمدوا إيذاءها، وكسر روحها، بفلذات كبدها.

لعل أجمل مبادرة قدمها الوطن هذا العام للأم في يومها العالمي، تلك المبادرة المضيئة من جامعة الطائف، الجامعة التي ما فتئت تدهشنا بسبقها إلى المبادرات النورانية النوعية، حين جعلت موعد احتفائية تخريج طلابها موافقا ليوم الأم العالمي، فقدرت الأمهات بدعوة خاصة لحضور تخريج أبنائهن الذكور في مدينة الملك فهد الرياضية بالطائف، وخصصت لهن مكانا مرموقا، يرين بقلب الأم الحنون أكبادهن المضيئة تتحرك على البساط الأخضر، يتفاخرن ويتباهين بتلك اللحظة الفارقة في حياة أبنائهن، ويشاركنهم فعليا تلك اللحظة العامرة بمشاعر دفاقة لا يمكن الاحتفاظ بها حتى عودة الخريج إلى البيت، ولقاء والدته المنتظرة، وقد ذبلت عباراتها، وذوى شعور الفرحة الآنية الحقيقية التي لا يمكن أن ينقلها اتصال ولا رسالة الكترونية، ثم تكريم الجامعة للأمهات بأن جعلت «أم» طلاب كلية الطب، عميدتها الدكتورة دلال نمنقاني تتلو قسم الأطباء، فباسم كل الأمهات «شكرا جامعة الطائف».