آلاء لبني

هل نهاجم أم ننتقد؟

الخميس - 22 مارس 2018

Thu - 22 Mar 2018

ذاع وانتشر الانتقاد والمهاجمة وأصبحا منهجا دارجا ونمطا للبعض يتفنن فيهما منذ أن يفتح عينيه حتى ينام، حتى الحصى يود أن يلومها لما حملتها الرياح وتوضعت بها في هذه الأرض!

هذه الفئة تنتقد محبة وعشقا للمهاجمة، درج على لسانها الانتقاص وإتقان فن التنمر والنظر نحو من أخطأ أو خالف رأيهم وهواهم بنظرة دونية تسمح لهم بالانتقاص الشخصي لدرجة التخوين والتكفير..إلخ، المهم أن ينتصروا لأنفسهم ويكسبوا الموقف! كأنهم في حرب مدججين بأنواع الأسلحة التي تقضي على غريمهم!

بمجالسنا أو العمل بكل مكان، هناك من أفنى عمرا ينتقد كل ما سمع، فإن بشر بخبر هاجمه، وإن شاهد مبادرة أو عملا أو رأيا إلا كان فيه سباقا ينتقص من هذا وذاك، ويهاجم ويرمي بأسهم الشك ورماح الغدر مصدرا الأحكام الجائرة!

يقع بين ناظريه خبر فيطير بعنوانه وينسى أن يقرأ بين سطوره، انتقل التنمر حتى لوسائل التواصل الاجتماعي! يرى «هاشتاقا» سواء كان صاحب اسم مستعار أو اسما صريحا، فيبادر بالمشاركة الهجومية، يسمع بمصاب إنسان مشهور أو مغمور فيكيل له بألوان الفتك، أما ذاته العليا فهي في منأى عن الانتقاد أصلا! وإن أصابه سهم من الهجوم جعله حسد الحاسدين وشر الحاقدين!

داء اجتماعي استفحل كالوباء بين كافة الطبقات الفكرية والاجتماعية!

الحصانة من هذا الداء الاجتماعي باتت عصية، مشكلة أن يصبح الجو العام عبارة عن هجوم وانتقاد الرأي المخالف وصاحبه بأسلوب التهكم والسخرية حتى بألفاظ نابية. كما أن العنصرية أصبحت شريكا ملازما للأسف، شتان بين النقد البناء والنقد العلمي والنقد الهادم، لا يليق أن يصبح من الطبيعي المهاجمة بأسلوب الانتقاص والتشكيك حتى إعلاميا، أين الرقي في طرح إعلامنا، انساق وراء بعض من يؤجج التهكم والاستهزاء بدور مسؤولين، بأعضاء الشورى، وبقوانين وأنظمة لا تتناسب مع ميولهم وحتى لو لم تكن ضمن دائرة اختصاصهم.

الحرية في التلقي والاستقبال لكل ما يدور حولنا بالموافقة والإعجاب أو الرفض، وكذلك النقد الذي يتجاوز المعرفة والرأي إلى أسس علمية موضوعية لا يمكن لأحد مصادرته.

تشويه النقد وزجه بالحروب الكلامية والآراء الشخصية وانتصار الذات، يفقد الإعلام مصداقيته ويفقد الإنسان مكانته ومجال اختصاصه.

النقد أصلا من أهم السمات العلمية التي تتواجد في مجالات عدة: النقد العلمي، الفني، الأدبي..إلخ، محال أن يكون قياديا بدون أن يمتلك القدرة على التحليل والربط والنقد، لكن الفرق يكمن في طريقة النقد على أسس ومنهج علمي وليس انتقادا شخصيا.

قبل أن تستعد لمهاجمة أحد أو تنتقد فرق بين الشخص والعمل الذي تريد نقده، اجعل من كلماتك نقدا بناء يكون بدافع تجويد العمل دون أي انتقاص لذات الشخص أو المكان أو الجهة.

النقد العلمي الذي يخضع للتحليل والاستدلال ضرورة ماسة، أساس البحث العلمي والفكر، ولو تحولت المناقشات العلمية والمناظرات للمجاملات والهجوم الشخصي لما تقدمت العلوم قدر أنملة.

قيم نفسك واسألها هل تنتقد نقدا بناء أم تهاجم وتتذمر؟ ماذا قدمت بما يوازي العمل الذي أهاجمه؟ ما هو هدفي من النقد؟ وما الأسلوب الموضوعي المنطقي الذي انتهجه؟ هل امتلك الزاد الكافي من العلم لنقده؟ واسأل نفسك ماذا أعرف عن هذا التخصص أو العمل؟

تذكر كل إنسان موكل بعمله، فدعك من الرموز الإعلامية أو الاجتماعية التي اتخذت من التطاول منهجا.

Alalabani_1@