عبدالله المزهر

جاذبية الوضوح!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 19 مارس 2018

Mon - 19 Mar 2018

أظن أن أغلب ـ إن لم يكن كل ـ السعوديين يعرفون ما جاء في لقاء الأمير محمد بن سلمان التلفزيوني الأخير سلفا، فهذه رؤية الرجل منذ اليوم الأول الذي بدأ فيه ملف الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي.

لكنه مع ذلك كان لقاء جميلا ومتابعا بشكل لم يحدث مع لقاء أي مسؤول من قبل، والسبب ـ من وجهة نظري ـ أن الرجل يتحدث عما يفعله بالفعل ويطبقه على أرض الواقع، وحين يقول كلاما فإنه يعنيه دون «لف ولا دوران» ولا مواربة. ولا يخجل من الاعتراف بالأخطاء، وهذه أشياء تشد الناس، وتجعل للقاءات معنى أكثر من اللقاءات التي يكون الكلام فيها مليئا بالدبلوماسية والكلمات العامة التي لا تلزم بشيء والوعود التي لا سقف زمنيا لتحقيقها.

قبل سنوات كان أغلب السعوديين يؤمنون بأن كثيرا من الأوضاع في السعودية غير طبيعية وأنها لن تستمر، لكن الخلاف كان في تخيل الطريقة التي يمكن أن يتوقف بها استمرار «العبث» في مقدرات الدولة وعقول «الشعب». ثم إن بعض أولئك الكثيرين بعد أن حدث ما كانوا يطالبون به بدؤوا في الامتعاض من الطريقة، مع أنه من البديهيات أن صعوبة وألم العلاج يتناسبان طرديا مع صعوبة وخطورة المرض. والسعودية كانت تعاني من داء عضال لا بد أن يرافق استئصاله بعض الألم.

أذكر أني شاركت في نقاشات قبل فترة ليست بالبعيدة عن «جواز حصول المرأة على هوية وطنية»، وهذا موضوع يبدو تافها في الوقت الحالي ونقاشه مثيرا للسخرية، لكنه قبل سنوات قليلة كان ملفا جوهريا ومجرد الحديث عنه فيه شيء من «الزندقة» وقد يعتبر من يقبل أن تحصل زوجته أو ابنته على هوية وطنية «ديوثا» في نظر كثير من شركاء الوطن، وهذا يبين حجم المرض الذي أتحدث عنه.

وأذكر أننا كنا جميعا نتحدث في تويتر ـ وهذا يعني قرب العهد ـ عن الفساد المالي وكأنه قدرنا، وأن أفضل حل متاح أمامنا للتعامل معه أن نتعايش معه كحقيقة لا يمكن تغييرها.

ولا أزعم أن كل ما يحلم به الناس قد تحقق، ولكن قطارا قد انطلق ويجب ألا يتوقف، والتفاؤل بأنه سيصل لوجهته هو أفضل ما يمكن عمله.

وعلى أي حال..

من أبرز ما جاء في اللقاء قول الأمير إن أصعب تحد يواجهه هو «إيمان» الناس بما يفعله، وأظن أن الإيمان يعني العمل والتطبيق، تركيب الصور على الشيلات والأغنيات ليست إيمانا ولا تدل على إيمان، وأظن أن مشروع الأمير بحاجة إلى أناس تعمل أكثر من حاجته إلى التزلف بالقصائد والمقالات التي لا تشبه حقيقة قائلها. كن مواطنا نزيها أمينا مخلصا في عملك ـ أيا كان ـ ولا تسرق ولا تختلس ولا تظلم وستكون مؤمنا بوطنك بشكل تلقائي، حتى لو لم تسمع أي شيلة أو أغنية أو قصيدة من قبل.

@agrni