عبدالله المزهر

الموت تحت طاقية المؤلف..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 17 مارس 2018

Sat - 17 Mar 2018

أحب معارض الكتاب مع أني لم أحضر أيا منها من قبل، حضرت معرضا «للمواعين» وأظن أن الفكرة لا تختلف كثيرا. الاختلاف اليسير الذي يجعلني أميل قليلا إلى معارض الكتب أنها فرصة للنقاشات الثقافية والأدبية والسياسية. بينما لا يحدث هذا في معارض المواعين. البعض لديهم وجهة نظر جديرة بالتأمل والاحترام يقولون إن هذه ميزة في معارض الأثاث والقدور وليست شيئا يقلل من شأنها.

الذي يعزز وجهة نظر هؤلاء ويجعلها منطقية أن نقاشات معرض الكتاب هذا العام ـ على سبيل المثال ـ كان سقفها الأعلى هو «طاقية» أحد المؤلفين الأطفال.

ولعلها فرصة سانحة لأعيد رأيي في هذا الأمر، وأني مع حرية النشر لأي مخلوق بالطريقة التي يريد، وكل من يستطيع أن يجمع كلاما مهما كان كلاما ساذجا ولا معنى له بين دفتي كتاب فليفعل.

الإشكالية هي في تبرير نشر هذه الأشياء من قبل بعض المدافعين عن حق المخلوقات البشرية في نشر الكتب، والذين يعتمدون على مبدأ «حرية النشر» وأن من حق أي أحد أن ينشر ما يريد، لكنهم في ذات الوقت يدبجون المقالات ويجهرون بمطالباتهم بمنع كتب ومؤلفين من معارض الكتب، ومن حتى وجودها في المكتبات العامة أو حتى في المكتبات المتخصصة. ولست مع هذا ولا ضد ذاك لكن الفكرة الأساسية هي أن «حرية النشر» ليست شيئا يمكن تفصيله والمطالبة به حسب الرغبات الخاصة. وحين يوجد كتب ممنوعة أو مؤلفون غير مسموح بنشر كتبهم فإن الحديث عن «حرية النشر» يبدو شيئا في غير محله. أما أي مبررات أخرى فقد تكون مقبولة ويمكن «بلعها».

الإشكالية الأخرى التي يمكن الحديث عنها في حدود ما هو مسموح به تحت «طاقية المؤلف» ـ ودور النشر قد تكون المعنية بهذا الحديث أكثر من غيرها ـ هي أني أجد شيئا من النفور من فكرة «تسليع» الأشياء، وأن وجود طلب على شيء يعد مبررا كافيا لتحويله إلى سلعة تباع. وبالمناسبة فإن هذا هو ذات المبدأ الذي يعمل به تجار المخدرات والجنس وبقية الأشياء التي تدور في فلكهما، هم يبيعونها لأن لها سوقا وتدر أرباحا، فلماذا لا يقبل منهم ما يقبل من غيرهم.

الكتاب الذي أشعل هذه الضجة قطعا ليس أتفه كتاب موجود في معرض الكتاب، لكن الفكرة أن المبررات التي تدافع عنه ليست حقيقية، البعض يقول إنه كتاب طفل موجه إلى أطفال، لكن المؤلف نفسه يعتبر الحديث عنه كطفل إهانة له وهو مؤمن أنه مؤلف عظيم وأنه يقرأ منذ أن كان في المهد صبيا كما قال في تعليقه على منتقديه.

أظن أن القضية التي يجب أن تناقش ليست في حق التأليف من عدمه، فهذا أمر لم يعد صعبا حتى على من لا يقرأ ولا يكتب، ولكن القضية التي يمكن نقاشها هي استغلال جماهيرية بعض الأطفال في تأليف كتب بأسمائهم والتكسب من ورائها.

وعلى أي حال..

فعاليات معرض الكتاب كثيرة وجميلة، والكتب موجودة في شتى أصناف العلوم والمعارف، لكن الناس ـ وأنا أحدهم ـ لم تهتم بكل هذا وانشغلت بطاقية المؤلف، وهذا دليل على أن المشكلة ليست في الكتاب ولا الكاتب، ولكنها في المتلقي.

@agrni