من خطب الجمعة

الجمعة - 16 مارس 2018

Fri - 16 Mar 2018

كبار السن

«الإنسان يمر في حياته بمراحل مختلفة، فمن ضعف في المهد، لا يملك لنفسه حولا ولا قوة، إلى أن يشتد عوده ويبلغ أشده، ثم ما هي إلا سنون وأعوام قليلة حتى يصير إلى الضعف مرة أخرى.

من حق كبار السن علينا إكرامهم وتوقيرهم، وتزيين صدور المجالس بهم، ومناداتهم بأحب الأسماء إليهم، والبشاشة في وجوههم، والعفو والصفح عن زلاتهم وهفواتهم، وذكر محاسنهم وأعمالهم، فهم أشد ما يكونون رغبة في الحديث عن ماضيهم وإنجازاتهم.

إن كبر السن مظنة السآمة والتعب، والوهن وضعف الجسد، وما يكون نتيجة لذلك، من قلة الصبر وحدة اللسان، ومع ذلك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يداريهم، ويعطف عليهم، ويعطيهم ويسليهم، كل هذا لأجل شيبتهم في الإسلام، وسنهم وضعفهم، كما جاء في الحديث المتفق على صحته.

إن رعاية كبار السن والقيام على مصالحهم وشؤونهم من أعظم القرب، وأجل الوسائل لتفريج الكرب، وتيسير كل أمر عسير، خاصة إذا كان كبير السن أبا أو أما، كما في الصحيحين من قصة النفر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار، فدخلوا فيه فانحدرت عليهم صخرة، فسدت عليهم الغار، فتوسل كل واحد منهم بصالح أعماله، فكانت وسيلة أحدهم، قيامه بهذا الحق العظيم، حق رعاية أبويه الشيخين الكبيرين، فكان سببا في نيل مطلبه وتفريج كربته.

إن الفسحة في العمر، نعمة عظيمة، يمن الله بها على من شاء من عباده، فليس فيما بقي من العمر، أطول مما فات وجعل مسك ختام العمر طاعة من ذكر وصلاة وصيام، وصدقة واستغفار، فإنما الأعمال بالخواتيم، ومن عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، وقد يدرك العبد بطول العمر مع حسن العمل، أعظم من درجة المجاهد في سبيل الله».

ماهر المعيقلي - الحرم المكي

مراقبة النفس

«فلاح الإنسان وسعادته في التحكم في نفسه ومحاسبتها ومراقبتها في كل صغيرة وكبيرة في الأقوال والأفعال فمن حاسب نفسه وتحكم في أقواله وأفعاله فيما يحب الله ويرضى فقد فاز فوزا عظيما.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم، وهذا لا يكون إلا بمحاسبة النفس.

إن على المؤمن أن يحاسب نفسه ويراقبها ويقيمها على أحسن الأقوال فيحاسب نفسه على الأفعال فيجاهدها بالعبادات والطاعات، ليأتي بها كاملة الإخلاص نقية سليمة من شوائب الابتداع والرياء والعجب بالعمل، مبتغيا بعمله وجه الله والدار الآخرة ويحاسب نفسه ليوقع العمل الصالح ويفعله موافقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مع الالتزام بدوام العمل واستمراره بلا ردة ولا انقطاع.

وعلى المؤمن أن يحاسب نفسه في نطقه وكلامه فلا يطرق لسانه بالكلام في الباطل والمحرم في الألفاظ، وليتذكر أنه قد وكل به ملكان يكتبان كل ما نطق به لسان وكل ما عمل من عمل فيثاب على ذلك أو يعاقب.

إن المسلم يجب عليه أن يحاسب نفسه ويجاهدها في الخطرات والواردات على القلب والوساوس، حيث إن مبدأ الخير والشر من خطرات القلوب ووارداتها، فإن تحكم المسلم في الواردات على قلبه ففرح بواردات الخير واطمأن لها ونفذها أفلح وفاز، وإن طرد وساوس الشيطان ووارداته واستعاذ بالله من وساوسه نجا وسلم من المنكرات والمعاصي».

علي الحذيفي - الحرم النبوي