عبدالله الجنيد

المشتبه بهم التقليديون

الخميس - 15 مارس 2018

Thu - 15 Mar 2018

ربما قد يكون توصيف الدكتورة مضاوي الرشيد هو الأكثر دقة في التعبير عن حالة الارتباك الموضوعي إن لم نقل نزقا مشخصنا ممن يسمى بالمعارضة السعودية في الخارج من برنامج الإصلاح. ويتجلى ذلك من خلال تعليقها عبر برنامج نقطة حوار الذي بثته قناة بي بي سي العربية في الثامن من مارس الجاري، حيث قالت «هذا النظام متطرف من تسويقه لمفهومه الديني إلى متطرف في تسويقه للترفيه». هنا نقف حائرين من بغية المعارضات المخملية منها والمسترزقة من السعودية تحديدا، فلا الإصلاح عاجب ولا عدم التغير عاجب. فهذه المعارضات المستوطنة لأوروبا غريبة في ارتكازاتها الفكرية، فاليساري منها يقبل بإعادة تسلط التيارات المتأسلمة على إرادة الدولة والمجتمع حتى مع تعارض قيمها الحاكمة فقط نكاية في الدولة السعودية.

كانت هي أول المطالبين بالإصلاح الاجتماعي والسياسي، وذلك ما يحدث الآن بدينامكية فاعلة، ويرافقها الكثير من التقويم والتصحيح ناهيك عن النقد عبر كل وسائط الإعلام الوطني والدولي. فما هي المآخذ الحقيقية للمعارضات على السعودية؟. وسأجيبكم على ذلك، المأخذ الحقيقي لهذه المعارضات هو آل سعود وليس الإصلاح السعودي أي الدولة. فحدوث التحول مقرون برمز من هذه العائلة مرفوض ولو حجت البقر على قرونها. وفي نفس الوقت فإن الاهتمام الإيجابي بالسعودية يضر بمصالحها «المعارضات المخملية والمسترزقة» وقد يهمش من قيمتها كرأس سهم في جعبة كل مستهدف للسعودية. كذلك اشترطت المعارضات أن تكون المحاسبة من الأعلى إلى الأسفل وحدث ذلك، إلا أنها وافق شن طبقة «اليسار والصحوة» حيث اجتمعا على قول واحد «بن سلمان لا يقصد الإصلاح بل الاستئثار بالسلطة» .

تيارا اليسار والصحوة المتكافلان في مشروع الربيع العربي ما كان ليقبلا بالتصالح أو المصالحة كما تقتضيه البرغماتية الحركية مع المملكة العربية لأنها سعودية، فهذا الاسم هو الآن حائط الصد الأول والأخير في الدفاع عن الهوية العربية.

علو تصايح المعارضات «المخملية منها والأخرى المسترزقة» منذ انطلاق عملية الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي كان أمرا متوقعا، لدرجة أنها تعاطت مع بعض القرارات بما يتناقض ومواقفها المبدئية وتحديدا فيما يتعلق برموز الصحوة. والأكثر إقلاقا بالنسبة لها الآن هو التحول في موقف منتقدي المملكة العربية السعودية التقليديين على مر تاريخها السياسي إلى خانة المتفائلين ببرامج الإصلاح رغم تحفظاتهم عليها،لكننا لم نسمع أيا منهم يصف السعودية بالتطرف في الترفيه، بجد يجب أن تسجل الدكتورة ذلك «الإبداع» حفظا للحقوق الفكرية.

كذلك، وشخصيا أعتقد أن ما ووجه به سمو الأمير محمد بن سلمان في بريطانيا من استهداف إعلامي لم يكن إلا بروفة أو تسخينا لما سيكون عليه الحال خلال زيارته للولايات المتحدة. لذلك يتوجب على الوفد الإعلامي المرافق والإعلام السعودي أن يتحلى بالموضوعية وعدم الانجرار لحروب فرعية دفاعا عن شخص صاحب السمو ولي العهد فهو قادر على احتواء ذلك باقتدار. وبدلا منه الانخراط في مخاطبة الإعلام الأمريكي بلغة المتلقي موضوعيا لا صوريا، أي بأبجدية عربية عبر لغة إنجليزية. ومن الضرورة بمكان عدم التحسس وقراءة كل نقد على أساس أنه جزء من حملة تشويه ممنهجة. فمهمة التعريف بهوية المشروع للرأي العام الأمريكي قد تكون أهم حتى من تغطية كل برامج الزيارة، وولي العهد بات شخصية سياسية هي محط أنظار الإعلام العالمي وعلينا التعود على ذلك سريعا.

عندما سأل أحد الدبلوماسيين الهنود من المخضرمين عن رئيس وزراء الهند الشاب راجيف غاندي «يبدو أن شعبية رئيس وزرائكم الشاب تتجاوز حدود الهند وكأنه أحد أصناف القهوة سريعة التحضير؟»، فأتى جواب الدبلوماسي الهندي بهذا الشكل «وما العيب في ذلك إن كانت نكهتها وطعمها يضاهي القهوة التقليدية، وهي أكثر مواءمة والإيقاع السريع لعالمنا اليوم».

aj_jobs@