صور ناصعة لعطاء النجرانيات

الأربعاء - 14 مارس 2018

Wed - 14 Mar 2018

عرفت المرأة في المجتمع النجراني منذ قديم الزمان بمؤازرتها للرجل ووقوفها إلى جانبه، رجلا أو زوجا أو ابنا، ومشاركتها المقدرة في توفير ما تحتاجه أسرتها، وتحسين وضعها الاقتصادي، وإسهاماتها في هذا المجال معلومة ويشهد بها الجميع. ولعل السبب في ذلك يعود إلى ما اشتهرت به المنطقة من حرف يدوية امتازت بها عن سائر مناطق المملكة، مثل السلال والملبوسات التقليدية والحلي والمأكولات، وغيرها من منتجات تصنع محليا بأيدي نساء المنطقة.

ومع الحرص الذي تبديه القيادة الرشيدة في بلادنا على دعم المرأة وتمكينها من أداء دورها الطليعي في المجتمع، وزيادة مساهمتها الاقتصادية، وإتاحة المجال أمامها للانطلاق بالشكل الذي يقود إلى زيادة الدخل القومي، بادرت إدارة الغرفة التجارية الصناعية بنجران إلى إقامة وتنظيم معرض نجرانيات 2018 الذي أقيم خلال الأيام الماضية بمركز الأمير مشعل للمؤتمرات والفعاليات، وشهد مشاركة واسعة للمرأة، حيث تم تخصيص 60 جناحا للأسر المنتجة، لاستيعاب كل المنتجات التي تقوم بها نساء نجران، وإتاحة الفرصة أمامهن لتحقيق الفائدة المرجوة.

الهدف من إقامة المعرض لم يكن فقط مساعدة المرأة على عرض منتجاتها التجارية، بل كان بمثابة إلقاء حجر في بركة ساكنة، لحث النساء على إظهار كافة أوجه إبداعاتهن، وتعريف الآخرين بها، فالتقطت نساء نجران القفاز، وتدافعن للمشاركة في المعرض بصورة فاقت توقعات الجميع، ودفعت المنظمين إلى مضاعفة المساحات المخصصة للحدث الذي اشتمل على فعاليات كثيرة مصاحبة للمعرض، منها إسهامات المرأة في مجال العمل الخيري والطوعي، والأدوار التي قامت بها خلال الفترة الماضية، ولا سيما في مجال مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، والعناية بالأيتام، إضافة إلى معرض فني يضم لوحات فنية لعدد من التشكيليات في المنطقة، مما أسهم في إيجاد أجواء أضفت جوانب ترفيهية لزوار المعرض.

وأثبتت التجربة بما لا يدع مجالا للشك صدق توجه القيادة السعودية التي راهنت على المرأة ومنحتها ثقة غالية، إيمانا بقدرتها على العطاء، وصنع الفارق، وإضافة الكثير للاقتصاد المحلي، لذلك أزالت العوائق التي كانت تعترض طريقها، وتحجب إبداعاتها، وفتحت أمامها الآفاق حتى تسهم في نهضة بلادها ودعم مجتمعها، فلم تخيب الآمال، وأكدت من جديد أنها على قدر التحدي، وأهل للثقة. وإن كانت المرأة السعودية قد أثبتت في كل مناطق المملكة جدارتها وأهليتها لممارسة النشاط التجاري، فإنها في نجران على وجه الخصوص أكثر إسهاما وأكبر تجربة، وإسهاماتها في دعم المجتمع المحلي مشهودة ومعروفة.

معرض نجرانيات 2018 الذي أدهش جميع من شاهدوه يعد ترجمة حقيقية لتوجيهات القيادة بمنح نصف المجتمع الفرصة للانطلاق في فضاءات الاقتصاد المختلفة، وتمكينها وإتاحة المجال أمامها للاستثمار في كافة المجالات دون عوائق، وهو توجه حميد سوف ينعكس بلا شك على الواقع الاقتصادي للبلاد، خاصة إذا تم استثمار مئات المليارات من الريالات، تملكها نساء سعوديات وكانت مجمدة في البنوك، حيث لم تجد صاحباتها الفرصة لاستثمارها بالشكل الذي يؤدي إلى إيجاد عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية، وهذا التوجه الحميد أقرته رؤية المملكة 2030 التي هدفت إلى إيجاد واقع جديد لمجتمعنا، وتحديث أوجه الحياة كافة، وإحداث نقلة على الأصعدة كافة.

المملكة الآن أمام واقع مختلف، وتتأهب لفجر جديد بدأت ملامحه في الظهور، يقوم على رد الحقوق لنصف المجتمع، وإزالة القيود التي كانت تكبله، بفعل عادات قديمة وتقاليد بالية، حاول البعض إضفاء صفة القداسة عليها ونسبها إلى الدين الحنيف، فمجتمعنا قام منذ سنواته الأولى على العدالة والإنصاف، وكانت نساؤه يتمتعن بحقوقهن كاملة، ويحافظن في نفس الوقت على عفتهن وسترهن، ويسهمن في حركة النماء والتطور، دون سفور أو فجور.