محمد العوفي

لماذا تتأخر لدينا الحلول؟

الاثنين - 12 مارس 2018

Mon - 12 Mar 2018

كثير من القضايا والمشكلات الحالية التي نرى أنها أصبحت عصية على الحل لم تكن كذلك قبل عشر سنوات أو أكثر لو أنا اتبعنا أسلوب المعالجة أولا بأول، بدلا من أسلوب قتل المشكلة أو التقليل منها أو ترحيلها أو تحميلها جهة دون أخرى. السياسة المتبعة سابقا في معالجة المشاكل كانت وما زلت الأكثر خطرا في المسيرة التنموية، لأنها أسهمت فيما وصل الحال إليها الآن، فالمشاكل ككرة الثلج تبدأ صغيرة ثم تكبر وتكبر حتى تصبح عصية على الحمل، علاوة على أن كل مشكلة إن لم تعالج في وقتها فإنها تولد مشاكل أخرى.

المثال الأبرز على هذه المشكلات مشكلة الإسكان والبطالة وتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، كلها لم تظهر فجأة بل كانت نتيجة طبيعية لإهمال مشاكل صغيرة بدأت من عشرات السنين واستمرت حتى أصبحنا نحتاج لعصا سحرية لحلها، أسهمت تصريحات بعض مسؤولي تلك الجهات في الحقب الزمنية الماضية في تفاقمها، فكانت هذه التصريحات تميل إلى إنكار المشكلة، أو التقليل منها بحجة أنها موجودة في جميع دول العالم، أو تدور حولها دون أن تواجه حقيقة المشكلة.

لا أريد أن أعود إلى بعض تصريحات مسؤولي تلك الجهات في السنوات الماضية حول هذه المشاكل، حتى وإن كان ذكرها يعد من باب المحاكمات اللفظية والعملية لهم، لعل أحدهم يشعر بتأنيب الضمير ويعتذر للوطن والمواطن عما اقترفه بحقهما، لكن ذلك غير ممكن، فالماضي صفحة طويت رغم مرارتها وصعوبة استيعاب العقل الإداري لها.

المرحلة الحالية لا تختلف عن سابقتها كثيرا، إلا أنها تجاوزت مرحلة الإنكار إلى الاعتراف بوجود المشكلة لكن ذلك بعد تحولها لأزمة، والفرق بين المشكلة والأزمة كبير سواء كان في الضرر أو الوقت المستغرق في الحل أو التكلفة.

الاعتراف بوجود المشكلة لا يكفل حلها، لأن الحل يعتمد كليا على التشخيص الدقيق لها وتحديد أسبابها، فالواقع يقول إن هناك استعجالا في تقديم الحلول لهذه الأزمات والمشاكل قبل أن نمنح هذه المشاكل حقها من الدراسة والتمحيص والتدقيق، علاوة على غياب المعلومات الصحيحة التي يفترض توفرها لإدارة وحل هذه المشاكل والأزمات بطريقة علمية سليمة، مما يجعل ما يقدم من حلول مجرد اجتهادات احتمالات فشلها أكبر بكثير من نجاحها.

خذ على سبيل المثال لا الحصر قضية البطالة، تتجه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتوطين وظائف دنيا يفترض أن يعمل بها خريجو الثانوية العامة فما دون، في حين أن السواد الأعظم من العاطلين من حملة شهادة البكالوريوس، وزارة التعليم لم تحدد أن الخلل في ضعف التعليم هو المشكلة في المناهج أو المعلم أو الطالب أو البيئة التعليمية، ووزارة الإسكان لا تزال تجتهد دون أن تحقق تقدما كبيرا في ملف الإسكان، فهي لم تحدد بعد هل القضية تكمن في التمويل أم أسعار الأراضي أم تعنت البنوك في الإقراض أم من العاطلين أو مستوى دخول المواطنين.

خلاصة القول أن الطريقة المتبعة حاليا لن تحل المشكلات القائمة، لأن المشكلات لم تحدد بشكل دقيق، وأن ما يحدث مجرد اجتهادات سيطول أمدها لتتعقد أكثر وأكثر.

mohdalofi@