محمد حطحوط

هيئة حماية المستهلك من البنوك!

السبت - 10 مارس 2018

Sat - 10 Mar 2018

هذه هيئة نشأت بعد الانهيار الاقتصادي عام 2008، حينما اكتشفت الحكومة الأمريكية أن الملايين من مواطنيها تورطوا في قروض مالية وبطاقات ائتمان ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب. ولأن البنوك في أمريكا ظهرت سطوتها بشكل واضح، وخرجت أنيابها لنهش المواطن البسيط، حينها ولدت هيئة الحماية المالية للمستهلك Bureau of Consumer Financial Protection، وذلك لأن الممارسات البنكية تحتاج لغربلة كبيرة وإعادة ضبط المصنع، حتى تضمن تحقيق العدل للمواطن العادي في نهاية المطاف.

عمل الهيئة يشمل ركنين رئيسين: سن قوانين فاعلة لحماية المستهلك في الجانب المالي والتأكد أن جميع الممارسات المصرفية في السوق ليس فيها تلاعب أو خداع للمستفيد. الركن الثاني، والذي أثر على الجانب التسويقي، أن تخضع جميع القنوات الترويجية لجميع المصارف للمعايير الصارمة التي وضعتها الهيئة والتي تضمن -مرة أخرى- حق المواطن الأصيل في إعلان حقيقي وغير مخادع أو لا يظهر إلا جزءا يسيرا من الصورة الحقيقية.

هل نحتاج في السعودية لهيئة لحماية المواطن من المصارف السعودية؟ لا أعلم، ولكن سؤال سريع ومسح خفيف على من حولي، مع استفتاء في تويتر يؤكد أن هناك أزمة ثقة حقيقية لدى المواطن في المصارف السعودية، بما فيها البنوك التي ترتدي المشلح الإسلامي!

ولأن الشيء بالشيء يذكر، طالبت مرارا بفصل -مالي وإداري- اللجان الشرعية عن البنوك، لأن فضيلة الشيخ في نهاية المطاف بشر يتأثر بالبيئة التي يعمل بها، ومن الصعب تخيل استقلال كامل بينما يتقاضى فضيلته مبلغا في نهاية الشهر من ذات المصرف! ما أكثر الأوقاف هنا وهناك، وهي فكرة هامة أن يخصص وقف يدر على هيئة شرعية مالية متخصصة مستقلة ماليا وإداريا عن أي سلطة، ولا تمنح ختمها إلا للمنتج الذي يستوفي جميع الشروط، تماما مثل ما تفعل الشركات المتخصصة في تقييم الأنظمة المالية. نتمنى من المختصين البحث عن إمكانية تطبيق خيار مثل هذا.

حماية المستهلك من الإعلانات المالية المضللة، أو التي تخفي جزءا من الحكاية تستحق وقفة. زارنا مرة موظف يتبع لبنك محلي في جامعة الملك سعود، ولديه منتج لعرضه على أعضاء هيئة التدريس عبارة عن بطاقة ائتمانية بدون رسوم مدى الحياة حسب وصف مندوب المبيعات! بدأ الزملاء في تعبئة الاستمارة، وراودني شك واتصلت بالبنك مباشرة، لأكتشف أن العرض فقط لسنة واحدة، وليس مدى الحياة كما زعم مندوب المبيعات! من يحمي حقك هنا مع الأسف؟ لا أحد. صحيح هناك تطبيق تبع مؤسسة النقد ولكنه يشبه سيارة فيراري بلا ماكينة، فخامة من الخارج وجمال.. بدون فائدة تذكر!

@mhathut