عاصفة تهديك لنفسك

السبت - 10 مارس 2018

Sat - 10 Mar 2018

في يوم الجمعة من الأسبوع قبل الماضي عاشت مقاطعة واشنطن الأمريكية عاصفة قوية أدت لانقطاع التيار الكهربائي في معظم مناطق المقاطعة، مما جعل الشعب يقضي وقتا طبيعيا بلا أي أجهزة الكترونية تستنزف جل أوقاتهم.

كانا يومين عاصفين جدا، وصلت قوة الرياح لدرجة لم تشهدها مقاطعة واشنطن من قبل، مما أدى لجعل المدارس والجامعات والمكاتب تغلق أبوابها.

قضيت ساعاتي تلك متـنقلة من آيات قرآنية، لمجلات عربية وكتب في التنمية الذاتية، وبعض المقالات الإنجليزية. أحسست بقيمة اللحظة التي أعيشها، فوهبتها تفكيري وإحساسي بلا أي عوائق تحد من لذتها، كالأجهزة الالكترونية مثلا.

تناولت قهوتي ببطء مستشعرة لذتها التي لم ألحظها بهذا الشكل من قبل، فقد كنت معتادة تناول قهوتي على عجل منهمكة بين صفحات كتاب وإشعارات هاتفي التي لا تتوقف.

انفردت مع ذاتي وجلست أفكر بجميع أمور حياتي، أعطيت نفسي وقتا لأسترجع ما أنجزته وما أطمح جاهدة لإنجازه.

«كثيرة هي الأمور التي أرغب في إنجازها ولكن .. يا لضيق الوقت!»، هذا ما شعرت لسان حالي يحتج به.

مرت الساعات وأنا أقرأ، أفكر، وأتدبر. شعرت براحة تجتاح داخلي، كأن الوقت أصبح أخف والساعات عادت كافية لأنجز ما أرغب إنجازه. أحسست بمدى عظم اللحظة التي سوف نسأل فيها عن وقتنا فيما قضيناه، وعمرنا فيما أفنيناه.

عادت الكهرباء، لم أشعر سوي بيدي تذهبان لتلـتقطا هاتفي المحمول ليس شوقا أو لهفة، بل كإجراء روتيني بحت. لم أجرؤ على فتحه. تساءلت إن كنت سأعود لنفس الدائرة المغلقة التي تتمحور حول الهاتف ومشتقاته، هل سأقضي أيامي القادمة على هاتفي بلا أي إنجازات تذكر؟

لم أرغب في فتحه، تركته مغلقا لأضم قلمي وأكتب: ”كل منا يجب أن يكون مالكا لزمام أمور حياته، ولا يترك هذا الزمام يفلت من بين يديه ليحوله لمجرد أداة تـنفذ بلا تفكير. يجب علينا أن نشعر بهيبة حياتنا وألا نسمح لها بأن تهدر عبثا، ونبدأ برسم هيكل لحياة ذات إنتاجية أفضل“.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال