أحمد صالح حلبي

المدرسة الصولتية.. الحاضرة بالأذهان

الخميس - 08 مارس 2018

Thu - 08 Mar 2018

قبل أيام مررت بحي الشبيكة، أحد أحياء مكة المكرمة القديمة، فعادت بي الذاكرة إلى أيام وسنين مضت، يوم كان هذا الحي يضم أقدم وأعرق مدرستين في مكة المكرمة والمملكة، هما مدرسة الفلاح، والمدرسة الصولتية، وبين الاثنتين مسافة غير بعيدة، تلاصقهما مجموعة من الدور السكنية لعدد من وجهاء وأعيان مكة المكرمة.

وبين نشأة المدرسة الصولتية بحي الشبيكة وانتقالها إلى مقرها الجديد بحي الكعكية، بعد إزالة مبناها لأعمال التوسعة، تذكرت ما قرأته عن بداياتها على يد الشيخ محمد رحمت الله - رحمه الله - عام 1274 هـ، وحديثي مع مديرها الحالي الشيخ ماجد رحمت الله، وبين الفترتين عقود مضت، أوقفتني أمام بداياتها وتخريجها عددا من القضاة والعلماء.

ولعل أول تحولات هذه المدرسة منذ نشأتها الأولى تحول مسماها من «مدرسة الشيخ رحمت الله» إلى المدرسة الصولتية، بعد أن تبرعت السيدة صولت النساء بقسط وافر من مالها الخاص وثروتها الكبيرة لإبراز هذا المشروع، و»صولت النساء هي امرأة ثرية من عائلة معروفة بالهند، قدمت إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج عام 1289هـ، وأرادت إقامة رباط، فاستشارت الشيخ رحمت الله في ذلك، فعرض عليها أن مكة مليئة بالأربطة، ولكن ليس فيها مدرسة يتعلم فيها أبناء المسلمين، فأحبت الفكرة وتبرعت بقسط وافر من مالها الخاص وثروتها الكبيرة لإبراز هذا المشروع».

و»وضعت أول لبنة أساسية لهذه المدرسة في عام 1290هـ، وفي 14 شعبان 1291هـ انتقل طلاب ومدرسو مدرسة الشيخ رحمت الله إلى هذه البناية الجديدة، وتخليدا لذكرى هذه المحسنة واعترافا لجميلها أطلق المؤسس اسم (الصولتية) على هذه المدرسة الأولى في تاريخ مكة المكرمة»، وظل ذلك المبنى قائما حتى تمت إزالته يوم الأربعاء 14 جمادى الأولى 1431هـ، الموافق 28 أبريل 2010م، لصالح مشروع المنطقة المركزية بمكة المكرمة، وتحديدا الساحات الشمالية للحرم.

وقد «وصف الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله المدرسة الصولتية بأزهر السعودية بعد أن زارها، أسوة بمدرسة الأزهر المصرية آنذاك، وذلك نظرا لشدة إعجابه بالنهج التعليمي لحفظ كتاب الله والسنة النبوية».

وقد امتدحها أحد الشعراء بقوله:

أم المدارس لا برحت عظيمة

بالنور يبزغ من سناك وينشر

قد خلد التاريخ عنك مآثرا

يزهو بها العلم الصحيح ويفخر

قد كنت أول معهد باهت به

أم القرى وهفا إليه الأكثر

وتثقفت فيك الرجال على التقى

والشرق في فوضى الهوى يتدهور

فامضي إلى الأهداف واسعة الخطى

فلأنت أحرى بالثناء وأجدر

واستطاعت المدرسة على مدى سنواتها وضع خطة تربوية تعتمد على تنمية قدرات الطلاب وترغيبهم بالعلم والبحث العلمي، وغرس فضائل الإسلام في نفوس طلابها، وهذا ما مكنها من مواصلة مسيرتها التي بدأت عام 1274 هـ.

[email protected]