التغيرات الاجتماعية في ضوء رؤية 2030

الخميس - 08 مارس 2018

Thu - 08 Mar 2018

كيف يمكننا معرفة أي «رؤية» بدون أي تصور عن التغيرات التي أوجدتها في المجتمع؟ ما هو موضوع هذه التغيرات؟ وما هي أبعادها؟

كان لزاما أن يحدث «التغير» الاجتماعي، وهنا أرفض كلمة «التغيير»، لأن السعودية كدولة لها وظيفتها الريادية، ومع كل تقدم تتطور فيه مع ملفاتها التي تعرف بها بقوة وريادة أكثر مثل الاقتصاد والسياسة والأمن والتنمية، لنجد أن العنصر المشترك بينها جميعا هو «المجتمع».

إن «رؤية 2030 والتغيرات الاجتماعية»، ليست التغيرات الاجتماعية كطرح، وإنما كأثر بارز في تطور المجتمعات، ومنذ تأسيس السعودية وهي تشهد تطورا كبيرا وضخما في الاقتصاد والعمران والتنمية البشرية البارزة، وإن التغير يحدث مع كل أمة أو مجتمع لديه القيم التي يؤمن بها، وهذا يشع أكثر من خلال منظومة المجتمع ككل، حيث تبرز المعرفة وتبدأ الخطوات في رسم طريق تطور هو حتمي مع كل مرحلة أو ازدياد عمق المعرفة.

نعلم جميعا أن السعودية بسلطتها تملك القرار السياسي، ومجتمعها الذي تكون فيه حركته مشابهة لنظام التواصل العالمي، ويظهر ذلك لنا أن القرارات التي تحدث ونعتقد فيها بتغير المجتمع أو بعض التفاصيل الاجتماعية، تعطي أن القرار المجتمعي مع رغبة السلطة يجعلها نهائية وليست مزاجا ظرفيا مرتبطا بشروط الحكم وقواعد ممارسة السلطة.

وتسعى إلى تكريس القيم الإنسانية مثل الاعتدال والتسامح وتقبل الآخر والانفتاح المعرفي، وهي لبنة من لبنات العهود السابقة، لكنها تزداد تماسكا وتصبح أكثر قوة مع كل مرحلة زمنية، لذلك أرى أن التغير الاجتماعي كمفهوم هو الأساس في تحقيق هذه المكتسبات على أصعدة عدة، حتى أصبح الرائي للسعودية من الخارج يرى أن كأن ما يحدث هو مثل البرق الذي أدخلته القيادة السعودية في ملفات عدة، منها التعليم والشباب والمرأة والعمل والترفيه، وهي خطوات بالفعل أثرت على منظومة العمل السعودي وعلى الشارع في البلاد، فأصبحت مؤثرة على العناوين الكبرى من منظومات المجتمع والمال والثقافة والتطور المعرفي.

قيادة البلاد، بخبرة ورعاية مولاي خادم الحرمين الشريفين وطموحات سيدي سمو ولي عهده الأمين، مزجت الخبرة بالشباب، وتعي مدى التأثير وكيف يمكن أن تغير البلاد إلى صورتها النقية الحقيقية من خلال توسيع المجالات وخلق مبادرات تتناسب مع طموحات المجتمع، لتؤسس مرحلة إصلاحية في كل المجالات، في كل ملفاتها يبرز خلال الهوية السعودية.

ونجد أن حرص الرؤية في مرتكزاتها اتجه إلى تسمية «مجتمع حيوي» ضمن ثلاثة مرتكزات، وأكدت على سعيها لإسعاد المواطنين والمقيمين، والسعادة لن تتحقق من دون تطور مجتمع حقيقي، فالشعوب السعيدة تحتاج حكومات أكثر حيوية.

ومن جانب آخر، فإن القيم الاجتماعية هي منظومة الحياة التي تؤثر في حياة البشر وفي سلوكياتهم وتحدد شكل العلاقات الإنسانية وأنماط التفاعل، وتعكس غلبة القيم الإيجابية في المجتمع، قوته وفتوته وانطلاقه، والعكس صحيح.

برأيي أن تطوير منظومة الخدمات الاجتماعية لتكون أكثر كفاءة وتمكينا وعدالة، الأمر الذي يتجه لتحقيق بناء الشخصية وأيضا إحداث تطوير في طريقة فهم الواقع، مما يجعله أو يجعلها مستقبلا أكثر قدرة على التنافسية في التطور.

إن هذا الأمر مستقبلي ليس له علاقة بالاقتصاد فحسب، بل هو تحضير للمستقبل أبعد من الاقتصاد، لمستقبل الوطن، ومجتمع أكثر معرفة، وأكثر سعادة. فالتنمية السعودية ليست مرتبطة في نواتها بالقطاع أو المجال، بل هي تنمية تهتم بالعقل البشري، تهتم بالمعرفة وتوطين الابتكار ونقل التجارب، والاستثمار في البشر يعتبر خطوة المستقبل الحقيقي للسعودية ومجتمعها.

وننطلق دائما من أن الشباب هم النسبة الأهم في المجتمع، وهي التي تشكل مستقبل الأمة، ويعتبرون صناع التغيير، ومصدرا رئيسيا من مصادر التغيير الثقافي في المجتمع ككل.

ولعل ما كان بارزا في الرؤية هو تفعيل دور المرأة بشكل أكبر، فالسعوديات ما يزيد عـلى 50% مــن إجمالي خريجي الجامعات، وهذا الأمر يجعلها نواة اقتصاد وتنمية ستغير قواعد اجتماعية كبرى، لهذا جاء الاهتمام وفق ما حثت عليه الرؤية.

كما أن التعليم الملف الأبرز، ميزانية تتعاظم سنويا في هذا الحقل، ويؤسس على المعرفة، وفتح الأبواب لإثرائها، وهي أمور تحث على الجودة وتسعى لها، وأمور ترسخ قيم الشخصية السعودية، وتقوي نسيج المجتمع وترشده إلى بوصلة المعرفة والتعلم.

ولا يمكن أن نغفل أن حراكا تشهده مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات غير الربحية، وهي مؤسسات تخلق فرص التطوع الذي هو نبض مجتمع حيوي، سمتنا نحن السعوديين.

وتحرص بلادنا في رؤية 2030 على أن تحكم العمل وتحدد مستوى الأداء فيه من خلال ضمان تأثيرها الإيجابي على التغييرات الإيجابية مثل: (الجودة، والتنافس، والعدالة، والتنمية والتطوير، والكفاءة).

لقد خلقت الإصلاحات الهيكلية مناخا إيجابيا عن تسارع مهم في صميم المنظومة الاجتماعية، فلو نتذكر أن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قال في حديث تلفزيوني عن «مناخ الإصلاح» في ضوء مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية، ومكافحة البيروقراطية، وتلك مفردات ليست بالصورة المعتادة في البلاد، لكنها تثبت العزم لتجسير الفجوات لمجتمع ووطن أكثر تقدما.

• ملخص ورقة قدمت في مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث

ماذا تحتاج الدول؟

• حكومات أكثر حيوية

• توطين المعرفة والابتكار

• تفعيل دور جميع فئات المجتمع

• خلق إصلاحات هيكلية

@Hani_Almogbil